كتاب الموسوعة القرآنية المتخصصة (اسم الجزء: 1)

لِيُجادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (¬9).
وبنفس المعنى يأتى التعبير بالوحى لدلالة وسوسة شياطين الجن إلى شياطين الإنس أو بعض الجن إلى بعض، أو بعض الإنس إلى بعض، كما فى قوله تعالى: وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ (¬10) (¬11).
وكذلك ورد الوحى- فى التنزيل- بمعنى الإلهام أو الرؤيا المنامية، كما فى قوله تعالى:
إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى (38) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ (¬12) (¬13).
كما جاء إطلاق الوحى- فى التنزيل.
بمعنى الأمر والتعليم، كما فى قوله تعالى:
فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا (¬14) (¬15).
وجاء إطلاق الوحى مرادا به إلقاء الله إلى الملائكة من أمره، وإجراء له مجرى القول، وذلك فى قوله تعالى: إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا (¬16) (¬17).
ثم لقد جاء إطلاق الوحى بمعناه الشرعى إلى النبى صلّى الله عليه وسلم وإلى غيره من الأنبياء فى آيات عديدة كما فى قوله تعالى: إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً (¬18).
كما جاء إطلاق الوحى إلى جميع الرسل السابقين فى قوله عز شأنه: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (¬19).
****** ونتوقف عند وحى الله تعالى إلى الملائكة لنتعرف حقيقته:
فقد جاء وحى الله إلى الملائكة فى قوله تعالى: إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا (¬20).
كما صرح القرآن العزيز بأنه تعالى يوحى إلى ملك الوحى ما يوحيه الملك إلى الرسول صلّى الله عليه وسلم، وذلك فى قوله سبحانه: فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى (¬21) أى: أوحى الله تعالى إلى عبده جبريل- عليه السلام- ما أوحاه جبريل إلى نبيّه سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلم (¬22).
* ولأن وحى الله تعالى إلى ملائكته من الأمور الغيبية التى لا نعلم كيفيتها إلا
¬_________
(¬9) سورة الأنعام: الآية 121.
(¬10) سورة الأنعام: الآية 112.
(¬11) انظر تفسير البيضاوى (أنوار التنزيل) 1/ 274 ط/ الحلبى 1358 هـ 1939 م.
(¬12) سورة طه- عليه الصلاة والسلام- الآية 38، وبعض الآية 39.
(¬13) انظر (أنوار التنزيل) للبيضاوى 2/ 39 ط/ الحلبى 1358 هـ 1939 م.
(¬14) سورة المؤمنون: الآية 27.
(¬15) انظر (أنوار التنزيل) للبيضاوى 2/ 83 ط/ الحلبى 1358 هـ.
(¬16) سورة الأنفال صدر الآية الكريمة 12.
(¬17) انظر (أنوار التنزيل) للبيضاوى 1/ 323 ط/ الحلبى 1358 هـ.
(¬18) سورة النساء: الآية 163.
(¬19) سورة الأنبياء: الآية 25.
(¬20) سورة الأنفال: صدر الآية الكريمة 12.
(¬21) سورة النجم: الآية 10، وانظر (أنوار التنزيل) للبيضاوى 1/ 340.
(¬22) انظر (أنوار التنزيل) للبيضاوى 1/ 340 ط/ الحلبى، والوحى المحمدى لمحمد رشيد رضا ص 7 ط/ الزهراء.

الصفحة 2