كتاب أخبار النساء لابن الجوزي

قال الأصمعي خرجت إلى مقابر البصرة، فإذا أنا بامرأةً على قبرٍ، من أجمل النّساء، وهي تندب صاحبه وتقول:
هل أخبر القبر سائليه ... أم قرّ عيناً بزائريه
أم هل تراه أحاط علماً ... بالجسد المستكين فيه
يا جبلاً كان ذا امتناعٍ ... وطوداً عد لآمليه
يا نخلةً طلعها نضيد ... يقرب من كفّ مجتنيه
يا موت ماذا أردت منّي ... حقّقت ما كنت أتّقيه
دهرٌ رماني بفقد إلفي ... أذمّ دهري وأشتكيه
أمّنك الله كلّ خوفٍ ... وكلّ ما كنت تتّقيه
أسكنك الله في جنانٍ ... تكون أمناً لساكنيه
قال، فقلت لها: يا أمة الله، ما هذا منك؟ قالت: لو أعلمك مكانك ما أنشدت حرفاً، هذا زوجي وسروري وأنسي، والله لا زلت هكذا أبداً أو ألحق به. قلت لها: أعيدي عليّ الشّعر. فقالت: هذا من ذاك. فقلت خذي إليك. وأنشدتها الأبيات، فقالت فإن يكن في الدّنيا الأصمعي فأنت هو.

قال: كان لأشجع بن عمرو السّلمي جاريةً، يقال لها ريم، وكان يجدها وجداً شديداً، وكانت تحلف له أنّها إن بقيت بعده لم يحكم عليها رجلٌ أبداً. فقال يخاطبها:
إذا غمضت فوقي جفون حفيرةٍ ... من الأرض فابكيني بما كنت أصنع

الصفحة 141