كتاب أخبار النساء لابن الجوزي
أترى الزّمان يسرّنا بتلاقٍ ... ويضمّ مشتاقاً إلى مشتاق
ما للزّمان يقال فيه وإنّما ... أنت الزّمان فسرّنا بتلاقٍ
قال: فلحظتها، وتبعتني. وذلك حين أملاقي، واختلال حالي. فقلت: مالي إلاّّ منزل صريع الغواني، فأتيته، واستوقفتها، ودخلت إليه. وقلت: ويلك يا مسلم، أجمل لك الحبروجة على الباب تقلّ له الدّنيا وما فيها من عسرٍ وضيقةٍ. قال لي: شكوت إلى ما كدت أبدؤك به الشّكوى، ولكن أئت بها على كلّ حال. فلمّا دخلت قال لي: والله ما أملك إلاّ هذا المنديل. فقلت له: هو البغية. قال، فأخذته فبعته بثلاثين درهماً، واشتريت خبزاً ولحماً ونبيذاً. وإذا هما يتنازعان حديثاً كأنّه قطع الرّوض ذكرت به قول بشّار فقلت:
وحديثٍ كأنّه قطع الرّو ... ض وفيه الصّفراء والحمراء
فقال لي مسلم: بيتٌ نظيفٌ، ووجهٌ ظريفٌ، ولا نفل ولا ريحان؟ أخرج فالتمس لنا ذلك. قال، فخرجت وجئت بما طلب، فإذا لا حسّ منهما ولا أثر لهما، فجعلت أطيل الذّكر، وأرجم الظّنّ، حتّى إذا جنّ الليل وفي قلبي لهيب النّيران، ثاب عليّ عقلي وقلت: لعلّ الطّلب يوقعني على موضعٍ خفيٍّ. فوقفت على باب سردابٍ وإذا هما قد نزلا
الصفحة 166
255