كتاب أخبار النساء لابن الجوزي
الحميري أجمل ملوك حمير، وكانت زوجته أجمل منه. فكان إذا شرب مع الحارث خرجت زوجته فجلست معهما تسقيهما، فعشقت الحارث زوجة الملك، فكلفت به، فراسلته، فأعلمها أنّه محصن عن الزّنا ولا يخون نديمه. فألحّت عليه فكتب إليها:
لا تطعمي فيما رأيت فإنّني ... عف منادمتي عفيف المئزر
أسعى لأدرك مجد قومٍ سادةٍ ... غمروا فطفن البيت عند المشعر
فافني خيالاً واعلمي أنّي امرءٌ ... أربى بنفسي أن يعيّر معشري
ثمّ إنّه أخبر أباه، فصوّب رأيه وقال له: يا بني إنّ لنساء الملوك طفاحاً. فلمّا رأته قد عزفت نفسه عنها قالت: والله لا أدعه تتمتّع به امرأة أبداً. فدسّت إليه شربةً فشربها وارتحل مع أبيه، فلمّا قدم مكّة مات فجزع عليه عبد المطّلب جزعاً شديداً وقال يرثيه:
سقى الإله صدى واريته بيدي ... ببطن مكّة تعفوه الأعاصير
يا حارث الخير قد أورثتني شجناً ... فما لقلبي عن ذكراك تغيير
فلست أنساك ما هبت شآميّة ... وما بدا علمٌ في الآل معمور
ولمّا قتلت بنو أسد بن خزيمة حجر بن الحارث أبا امرئ القيس دار في أحياء العرب فلم ير منهم ما يحب، فمضى حتّى قدم على هرقل ملك الرّوم، فأقام عنده شهراً فأكرمه ونادمه، وأعجبه كماله وعقله. ثمّبعث معه ستّمائةً من أبناء الملوك ومن تبعهم. ونظرت إليه ابنة الملك
الصفحة 172
255