كتاب أخبار النساء لابن الجوزي
ولقد راودته عن نفسه فاستعصم. فقال إبراهيم بن عزوان: لا والله ما سمعت بأعدل من هذه الفاسقة، أمّا والله لو تمرّست بي ما استعصمت.
بات أعرابيٌّ ضيفاً لبعض الحضر فرأى امرأته، فهمّ أن يأتي إليها في الليل فمنعه الكلب؛ ثمّ أراد ذلك مرّةً أخرى، فمنعه ضوء القمر؛ ثمّ أرادت ذلك في السّحر، فإذا عجوزٌ قائمةٌ تصلّي. فلمّا رأى ذلك قال:
لم يخلق الله شيئاً كنت أبغضه ... غير العجوز وغير الكلب والقمر
هذا يبوح، وهذا يستصاء به، ... وهذه سبحةٌ قوّامة السّحر
وصف أعرابيٌّ رجلاً ماجناً فقال: والله لو أبصرته عيدان القيان لتحرّكت أوتارها، ولو رأته مومسةٌ لطار خمارها.
وحكى خريدة بن أسماء، قال: حججنا، ونحن في رفقةٍ، إذ نزلنا منزلاً ومعنا امرأةٌ نامت ثمّ انتبهت وحيّةٌ على عنقها لا تضرّها بشيءٍ، فلم يجترئ أحدٌ منّا أن ينحيها عنها، فلم تزل كذلك حتّى أبصرت الحرم فانسابت ومضت عنها، فحمدنا الله ودخلنا مكّة فقضينا نسكنا، ورأى الغريض المغنّي المرأة وقد سمع الحديث وما تحاكاه النّاس عنها فقال لها: يا شقيّة ما فعلت حيّتك؟ قالت: في النّار. قال: ستعلمين في النّار. قال فضحكت المرأة ولم تفهم ما أراد وارتحلنا منصرفين حتّى إذا كنّا بالموضع الذي حين نزلناه جاءت الحيّة حيث انسابت وتطوّقت عليها، فلمّا تألّمت المرأة عرفتها، ثمّ صفّرت الحيّة،
الصفحة 176
255