كتاب أخبار النساء لابن الجوزي

أتيتك زائراً فوضعت كفّي ... على أيرٍ أشدّ من الحديد
عليّ أليّة ما دمت حيّاً ... أمسّك طائعاً ألا أعود
فخيرٌ منك من لا خير فيه ... وخيرٌ من زيارتكم قعودي

وكان بشّار الأعمى يرتع، فبلغ امرأته ذلك، فعاتبته مراراً فحلف لها. وإنّها سألت عن المكان الذي يمضي إليه فدلّت على امرأةٍ تجمع بين النّساء وبين الرّجال، فبذلت لها شيئاً وسألتها إذا جاءها بشّار أن تبعث إليها. ففعلت، وقالت: أبشّار قد وقعت اليوم امرأة من أجمل النّساء ووصفتها له فطرب إليها، فلمّا خلا بها وخالطها ضربت بيديها في لحيته وشتمته، وقالت: أين إيمانك الفاجرة؟ فقال لها: لعنك الله ألا تركتني حتّى أقضي حاجتي، فوالله ما رأيت أبرد منك حلالاً، ولا أطيب منك حراماً!!

قال إسحاق بن إبراهيم: كان مخارق يهوى البهار جارية أمّ جعفر وشغف بها حتّى أفضى غايته في حبّها. فبينما هو منصرفٌ ذات ليلةٍ من دار المأمون في دجلة، وقد عمل الشّراب فيه، وأمّ جعفر جالسة في دارها على دجلة إذ رفع عقيرته يغنّي شعر عبّاس بن الأحنف:
إن يمنعوني ممرّي قرب داركم، ... فسوف أنظر من بعدٍ إلى الدّار.
ما ضرّ جيرانكم، والله يكلؤهم، ... لولا شقائي إقبالي وإدباري

الصفحة 180