كتاب أخبار النساء لابن الجوزي
فأمرت بفتحه ثمّ دخلت. فأقبل أحد الغلمان فقال: يا أمير المؤمنين هذه عاتكة. قال: ويلك رأيتها؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين. وإذا هي قد أقبلت وعبد الملك على سريره. فسلّمت، فسكت، فقالت: أمّا والله لولا مكان عمر ابن بلال ما فعلت، ولا أتيتك والله. إن عدا أحد بنيه على الآخر فقتله، وهو الوليّ وقد عفا عنه، لتقتله؟ قال: أي والله، وهو راغمٌ. قالت: أنشدك الله أن لا تفعل. فدنت فأخذت بيده، فأعرض عنها، فأخذت أرجله فقبّلتها، فأكبّ عليها وضمّها إلى نفسه ورفعها إلى سريره، وقال: قد عفوت عنه. فتراضيا.
وراح عبد الملك فجلس مجلس الخاصّة، فدخل عمر بن بلال، فقال: يا أبا حفص ألطفت الحيلة في القيادة فلك حكمك! فقال: يا أمير المؤمنين، ألف دينارٍ ومزرعة بما فيها من الرّقيق والآلة. قال: هي لك. قال: ومرابض لولدي وأهل بيتي. قال: وذلك كلّه لك. . . وبلغ عاتكة الخبر فقالت: ويلي على القوّاد خدعني.
ويروى أنّ معاوية بن أبي سفيان، رحمه الله، رأى، كاتباً له يكلّم جاريةً لامرأته فاختة بنت قريظة، في بعض طرق داره، فقال له: أتحبّها؟ قال: أي والله، يا أمير المؤمنين. قال: أخطبها من فاختة. فخطبها. وكلّم معاوية فاختة فأجابته، فزوّجها منه، فدخل معاوية وبين يديه عتيدة من العطر لعرس جاريتها، فقال: هوّني عليك يا بنت قريظة، إنّي أحسب الاتّفاق كان بعد حين.
قال عمر بن شبّة: كان الأحنف بن قيس يوماً جالساً مع معاوية، إذ مرّت بهما وصيفة فدخلت بيتاً من البيوت، فقال معاوية: يا أبا بحر، أنا والله أحبّ هذه الجّارية وقد أمكنتني منها لولا الحياء من مكانك. فقال الأحنف: فأنا أقوم. بل تجلس لئلّا تستريب بنا فاطمة. فقال
الصفحة 185
255