كتاب أخبار النساء لابن الجوزي

الأحنف: شأنك. فقام معاوية إليها. فبينا هو يماجنها إذ خرجت بنت قريظة فقالت للأحنف: يا قوّاد، أين الفاسق. فأومأ الأحنف إلى البيت الذي هو فيه، فأخرجته ولحيته في يدها، فقال لها الأحنف: أرفقي بأسيرك، رحمك الله. فقالت: يا قوّاد، وتتكلّم أيضاً؟ فقال معاوية: يغلبن الكرام ويغلبهنّ اللئام.

قال ابن شبّة: كانت بالمدينة امرأةٌ يقال لها صهباء، من أحسن النّاس: وكانت من هذيل. وكانت رتقاء. فتزوّجها ابن عمٍّ لها. فمكث حيناً لا يقدر عليها لشدّة ارتقاقها، فأبغضته بغضاً شديداً، فطلبت منه الطّلاق فطلّقها. ثمّ إنّه أصاب أهل المدينة مطرٌ شديدٌ، في الخريف، وسيلٌ عظيمٌ. فخرج أهل المدينة، وخرجت صهباء مع أهلها، وخرج ابن جحشٍ وأصحابٌ له للنزهة. فلمّا انتصف النّهار وخلا الوادي، خرجت صهباء واستنقعت في السّيل، وخرج ابن جحشٍ ولم تشعر به صهباء، فرآها وأحبّها وتهالك عليها.
وكان بالمدينة دلّالةٌ على النّساء يقال لها قطبة. وكانت تداخل القرشيين بنسائهم: فلقيها ابن جحشٍ فسألها عن صهباء فقال: اخطبيها عليّ. قالت: قد خطبها عيسى بن طلحة بن عبيد الله، وأنعم له بها أهلها ولا أراهم يتخطّون عيسى إليك. . فشتمها ابن جحشٍ وقال: كلّ مملوكٍ لي حرٌّ لوجه الله إن تحتالي فيها حتّى أتزوّجها، لأضربنّك ضربةً بالسّيف - وكان مقداماً جسوراً - ففزعت منه فدخلت على صهباء وأهلها، فتحدّثت معهم، ثمّ ذكرت ابن عمّها، فقال لعمّة صهباء: ما باله فارقها؟ فأخبرتها خبره فأصغت إلى عمّتها فقالت لها، وأسمعت صهباء: أمّا والله لو كان ابن جحشٍ لنقبها نقب اللؤلؤة. ثمّ خرجت من عندهم.

الصفحة 186