كتاب أخبار النساء لابن الجوزي

فأرسلت إليها صهباء أن مري ابن جحشٍ فليخطبني. فلقيت قطبة ابن جحشٍ فأخبرته الخبر. فخطبها، فأنعمت له، وأبى أهلها إلاّ عيسى بن طلحة. وأتت صهباء إلى ابن جحشٍ فتزوّجها وأفتضها من ساعته. وفيها يقول:
دار الصّهباء الذي لا ينتهي ... عن ذكرها أبداً ولا ينهاها
صفراء يطويها الضّجيع لطافةً ... طيّ الجمانة ليّناً مثناها
نعم الضّجيع إذا النّجوم تغوّرت ... بالقرب أخراها على أولاها.

قالوا: كان رجلٌ من تجّار أهل المدينة من ذوي النّعمة، في ليلةٍ من شهر رمضان، في المسجد يصلّي إذ عرض له في منزله بعض الأمر. فانصرف من التّراويح فأصاب بابه مفتوحاً، وإذا رجلٌ مع ابنته في محلّها يحدّثها. فأخذ بيده وذهب به إلى منزل ابن أبي عتيق. فدقّ عليه، فأشرف عليه، فقال: أردت أن أكلّمك، جعلت فداك. قال، فانحدر إليه فقال له: إنّ هذا الفتى وجدته في منزلي على حال كذا. فسألته فزعم أنّه ابنك. فأقبل ابن عتيقٍ فأخذ بيد التّاجر فشكره وجزاه خيراً، وقال: لن يعود إلى شيءٍ تكرهه أبداً إن شاء الله. فأخذ الفتى ولكزه وشتمه. فلمّا ولّى الرّجل قال للفتى: من أنت ويلك؟ قال: أنا ابن فلانٍ التّاجر وابتليت بابنة هذا التّاجر فدخلت عليها هذه الليلة أتحدّث عندها. فما راعني إلاّ أنّه واقفٌ على رأسي. فلم أجد ملجأً إلاّ

الصفحة 187