كتاب أخبار النساء لابن الجوزي
أن اعتزيت إليك، لمّا علمت من قدرك وشرفك وكرمك. قال: أخبرني عن الجّارية، أتحبّك؟ قال: نعم. قال: فهل يمكنك أن تأتي بها إلى منزلي هذا؟ قال: نعم. قال: فعدها وأت بها. وأمر غلاماً له، وقال: إذا جاءت المرأة التي يأتيك بها هذا الفتى فأدخلها، واجلس أنت مع الفتى، وأرسل إليّ من يعلمني. ففعل الفتى، وأتى بالجّارية إلى المكان. وأرسل إلى ابن أبي عتيقٍ فعرّفه. فأرسل إلى أبي الجّارية: إنّك اصطنعت إلى فتانا يداً، وقد أحببنا أن نصنع إليك مثل ذلك في فتاتكم.
فأدخله عليها، فلمّا رآها استرجع، فقال له ابن أبي عتيقٍ: ما هذا؟ أهون عليك هذا الأمر وأقبل وصيّة رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، حين قال: " ألحقوا النّساء بأكفائهنّ ". إنّ هذا الفتى ليس والله بولدي، ولكن هو قد انتسب إليّ لما أدرك من النّجاة منك، وهو فلان ابن فلان التّاجر، وهو من نظرائها وأكفائها. فهل لك أن تزوّجه إيّاها وأصدقها عنه من مالي مائة دينارٍ. قال: نعم.
ولم يبرحوا حتّى زوّجها منه وأصدقها وأخرج المهر من عنده، وسأله التّعجيل بزفافها إليه.
وحكي عن ابن أبي ورقاء الجبلي قال: خرجت من الكوفة أريد بغداد. فلمّا صرت بأوّل مرحلةٍ نزل غلماننا ففرشوا بسطهم، وهيّأوا عداءهم، ونزلت. ولم يجء أحدٌ بعد. فرمانا الطّريق برجلٍ حسن الهيئة، فاره البرذون فصمت بالغلمان. فأخذوا دابّته. ودعوت بالغداء فبسط يده غير محتشمٍ.
الصفحة 188
255