كتاب أخبار النساء لابن الجوزي

وقالوا تراها فتنةً كنت قبلها ... بخيرٍ، فلا تندم عليها وطلّق
فليت، وبيت الله، أنّي عصيتهم ... فأنبت في رضوانها كلّ مونق
وكلّفت خوض النّار سبعين حجّةً ... وكنت على أثباج بحرٍ مغرّق
كأنّي أرى النّاس المقيمين بعدها ... نقاعة ماء الحنظل المتغلّف
وتكره عيني بعدها كلّ منظرٍ ... ويكره سمعي بعدها كلّ منطق.
قال: وخرج أبي عتيق يريد العمرة. فنزل بحيّ قيس بن ذريح فسألهم عنه، فقال: دلّوني عليه. فدلّوه فلمّا رآه قيس أقبل عليه ورحّب به وقال: من أنت، حيّاك الله وعافاك؟ قال، فانتسب له ابن عتيقٍ وقال له: بيّن حديثك لي تجدني معيناً لك على أمرك إن شاء الله. فاستحى قيس من ذلك وامتنع ساعةً، ثمّ جعل يحدّثه حتّى بلغ إلى خبر القرشي. فقال: يا هذا، إنّي خرجت من منزلي أريد العمرة التماساً للثّواب. وقد عزمت، عندما سمعت، أن أترك ما خرجت إليه فارجع معك احتساباً للأجر، فبكّر فامض معي أيّها الرّجل، وأكتم شأنك، ولا يعلم أحدٌ من أهلك. فحمله معه وأقبل راجعاً نحو المدينة فاستقبله أهله وإخوانه يسألونه عن سبب رجوعه. فجعل يعتذر وهو يقول لهم: عاقني عن ذلك عائقٌ. وأخفى قيساً في منزله أيّاماً ثمّ سأل عن منزل القرشي فدلّ عليه. فبعث مولاة له عجوزاً إلى لبنى تخبرها بقيس وبما صار له من عشقها. فقالت: يعزّ عليّ، وما حيلتي له. أطاع أباه وفارقني في غير جرمٍ. وقد صرت الآن عند غير هولا سبيل لي على نفسي. وإنّ كبدي عليه لحرّا، وإنّ عيني لغبرا مذ

الصفحة 191