كتاب أخبار النساء لابن الجوزي

فارقته وإنّها لمّا علمت بمكانه إشتدّ ولهها حتّى أنكر زوجها شأنها فسألها عن خبرها وهل رأت شيئاً تنكره. فجعلت لا تجيب جواباً. وجعل يعتذر إليها، فقال لها: ما أراك إلاّ ذكرت قيساً. فقالت له: هيهات وأين أنا من قيس، وأين قيس منّي؟ أله عن هذا الحديث.
قال: وبلغت العجوز ابن أبي عتيق ما سمعت من لبنى فقال لها: عودي إليها فقولي لها: إن كنت على العهد فإنّك ستصلين إلى ما تريدين. قالت: أي والله لا أزال على عهده مقيمةً أو يفارق روحي جسدي؛ ولا أكافئه بسوء فعل كان منه إليّ.
قال: وأقبل ابن أبي عتيق ومعه جماعة من أشراف قريشٍ وغيرهم حتّى أتوا منزل القرشي زوج لبنى فأكبر مجيئهم. فقالوا: إنّا جئناك في حاجةٍ ولا سبيل إلى ردّنا عنها. قال لهم: قضيت حاجتكم. قال ابن عتيق: كائنة ما كانت؟ قال له: نعم. قال فإنّ حاجتنا أن تجعل أمر لبنى في يدي. قال القرشي: وهل رأيت أحداً سأل مثل هذا؟ قال: فهي حاجتنا، وقد جئت إليها. قال: فإنّي قد فعلت. قال: فيشهدون عليك أنّ أمرها في يدي. قال: نعم. قال ابن عتيق: فأشهدوا إنّها طالقٌ ثلاثاً. قال: قد أجزت: قال: فما برحوا حتّى نقلها ابن أبي عتيق إلى منزله. فلمّا انقضت عدّتها زوّجها من قيس وأصدق عنه وجهّزها بأحسن جهاز، وحملها معه إلى منزله. فما لبثت عنده إلاّ يسيراً حتّى نهشته الأفعى كما قدّمنا في حديثه فمات وماتت بعد.

الصفحة 192