كتاب أخبار النساء لابن الجوزي

به فقال: أي عدوّ الله، طردتك من حرم الله عزّ وجلّ فصرت إلى المشعر الأعظم تفسد وتجمع بين الخبائث!! فقال: أصلح الله الأمير يكذبون عليّ ويحسدونني. فقالوا للوالي: بيننا وبينه واحدة تجمع حمير المكّارين وترسلها نحو عرفات، فإن قصدت داره لمّا اعتادت من السّير لها، فالقول كما قلنا، وإلاّّ فالقول كما قال. . . فقال للوالي: إنّ في ذلك دليلاً. وأمر بحمير المكّارين فجمعت ثمّ أرسلت فقصدت نحو منزله، وجاءه بذلك أمناؤه. فأمر بتجريده. فلمّا نظر إلى السّياط بكى، فقال له: ما يبكيك يا عدوّ الله؟ قال: والله، أصلح الله الأمير، ما من الضّرب جزعت، ولكن يسخر منّا أهل العراق ويقولون إنّ أهل مكّة يجيزون شهادة الحمير. فضحك الوالي وأمر بتخليته.

قال المدائني: كان مزيد يسبق الحجّاج في كلّ عامٍ إلى الحجّ، وكان يأتي إلى المدينة في ثلاثة أيّامٍ على راحلته. فتأخّر مرّةً عن وقته الذي كان يجيء فيه لعلّةٍ أصابته، وكان لامرأته صديقٌ صوّافٌ. فلمّا تأخّر ظنّ الصّوّاف أنّه قد مات فأقام عندها ولم يبرح، وجاء مزيد فدخل على الوالي فأخبره ودنا إلى منزله. فلمّا رأى أنّه قرب من الباب تطلّع من كوّةٍ وإذا الصّوّاف مع امرأته في البيت، فلم يستفتح، فمضى إلى المخنّثين فدعاهم، فأتوا معه، فوقفوا على بابه، وأمرهم فضربوا طبولهم وزمروا، فاجتمع النّاس من كلّ ناحيةٍ، فأقبلوا يقولون له: يا أبا إسحاق، أشيءٌ حدث؟ فيقول لهم: تزوّجت امرأتي. فقالوا له: ما بك: وما هذه القصّة؟ فلم يخبرهم بشيءٍ. فوقف الصّوّاف خلف الباب وقال: يا أبا إسحاق أدن أكلّمك. فدنا منه فقال: إتّق الله في الفضيحة، وأنا أفتدي منك. فقال له: أردد عليّ مهرها ونفقتي عليها فقد أفسدتها. قال: وكم ذلك؟ قال خمسون ديناراً. فكتب رقعةً إلى غلامه في السّوق فبعث بها من قبض المال وجاء به. فقال: أي بني تفرّقوا. إنّما

الصفحة 209