كتاب أخبار النساء لابن الجوزي

بالطّائف. فقال له: كره ترك المشورة من العيّ. فشاور زياد المغيرة بن شعبة قال: إرم الغرض الأقصى ودع عنك الفضول، فإنّ هذا الأمر لا يمدّ أحدٌ إليه يداً إلاّّ الحسن بن علي. وقد بايع لمعاوية، فخذ لنفسك، وانقل أصلك إلى أصله، وصل حبلك بحبله، وأعر النّاس منك أذناً صمّاء، وعيناً عمياء. فقال له زياد: يا ابن شعبة، لقد قلت قولاً لا يكون غرسه في غير منبته، لا أصلٌ يغذّيه ولا ماءٌ يسقيه. وعزم على ذلك، وقبل رأي المغيرة، وقدم على معاوية. فأرسلت إليه جويريّة، عن أمر معاوية، فأتاها ودنت له وكشفت شعرها بين يديه وقالت: أنت أخي، أخبرني بذلك أبي.
ثمّ أخرجه معاوية إلى المسجد وجمع النّاس، فقام أبو مريم السّلولي فقال: أشهد أنّ أبا سفيان قدم علينا بالطّائف، وأنا خمّارٌ بالجاهليّة، فقال: إبغني بغياً فقلت له: لم أجد إلاّّ سميّة جارية الحارث بن كلدة! فقال: إئتني بها على ذفرها وقذرها. فقال زياد مهلاً، إنّما بعثت شاهداً ولم تبعث شاتماً. فقال أبو مريم: لو كنتم أبغضتموني كان أحبّ إليّ، فما شهدت إلاّّ بما عاينت ورأيت، فوالله لقد أخذ بكمٍّ درعها وأغلق الباب عليها، وقعدت، فلم ألبث أن خرج عليٌّ يمسح جبينه، فقلت: مه يا أبا سفيان؟ فقال: ما أصبت مثلها يا أبا مريم، لولا استرخاءٍ من ثديها وذفر مرفقيها. فقال زياد: أيّها النّاس، هذا الشّاهد قد ذكر ما سمعتم، ولست أدري حقّ ذلك من باطله، ومعاوية والشّهود أعلم بما قالوا. فقام يونس بن الثّقفي فقال: يا معاوية، قضى رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، بالولد للفراش؛ وشهادة أبي مريم على زنا أبي سفيان. فقال معاوية: والله يا يونس لتنتهين أو لأطيرنّ بك طيرةً يطيب وقوعها، هل إلاّّ إلى الله أقع، قال: نعم، فاستغفر الله. فقال ابن مفزع، ويقال

الصفحة 212