كتاب إيجاز البيان عن معاني القرآن (اسم الجزء: 1)

وقال الحسن «1» : هم أهل الكتاب معهم شرك وإيمان. وإنما كان اليهوديّ مشركا مع توحيده لأن عظم جرمه بجحده النّبوّة قد قام مقام الإشراك في العبادة. وجاز أن يجتمع كفر وإيمان ولا يجتمع صفة مؤمن وكافر لأن صفة مؤمن مطلقا صفة مدح ويتنافى استحقاق المدح والذم.
109 وَلَدارُ الْآخِرَةِ: دار الحالة الآخرة، كقوله «2» : وَحَبَّ الْحَصِيدِ:
أي: وحبّ الزّرع الحصيد.
110 حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا: بالتشديد «3» الضمير للرسل. والظن بمعنى اليقين، أي: لما استيأس الرسل من إيمان قومهم وأنهم كذبوهم جاءهم نصرنا، وبالتخفيف «4» الضمير للقوم، أي: حسب القوم أن الرسل كاذبون فهم على هذا مكذوبون لأن كل من كذبك فأنت مكذوبه، كما في صفة الرسول- عليه السلام- الصّادق المصدوق، أي:
صدّقه جبريل عليه السلام.
وسئل سعيد بن جبير عنها- في دعوة حضرها الضحاك «5» مكرها-
__________
(1) نص هذا القول عن الحسن- رحمه الله- في الكشاف للزمخشري: 2/ 346.
وذكره القرطبي في تفسيره: 9/ 272 عن الحسن، وقال: «حكاه ابن الأنباري» .
(2) سورة ق: آية: 9.
(3) قراءة ابن كثير، ونافع وأبي عمرو، وابن عامر.
السبعة لابن مجاهد: 351، والتيسير للداني: 130.
وانظر توجيه هذه القراءة في معاني القرآن للزجاج: 3/ 132، والكشف لمكي: 2/ 15، والدر المصون: 6/ 565.
(4) قراءة عاصم، والكسائي، وحمزة. كما في السبعة لابن مجاهد: 352، والتبصرة لمكي:
230.
وانظر معاني القرآن للزجاج: 3/ 132، والكشف لمكي: (2/ 15، 16) ، وتفسير القرطبي: (9/ 275، 276) ، والبحر المحيط: 5/ 355.
(5) هو الضحاك بن مزاحم الهلاليّ، تابعي، حدّث عن ابن عباس، وابن عمر، وأنس بن مالك، وسعيد بن جبير ... وغيرهم.
قال عنه الحافظ في التقريب: 280: «صدوق كثير الإرسال، من الخامسة» .
ترجمته في سير أعلام النبلاء: (4/ 598- 600) ، وطبقات الداودي: 1/ 222.

الصفحة 448