كتاب مختصر تفسير سورة الأنفال (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني عشر)

واستجابوا، وليسوا كذلك" ثم أخبر أن هذا الضرب شر الخلق فقال: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ} 1 الآية، ثم جعلهم شرها: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً} أي: قصدا صحيحا {لَأسْمَعَهُمْ} أي: أفهمهم، ولو فعل لتولوا عنادا.
وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} 2. قال البخاري 3: "لما يصلحكم" قال مجاهد 4: "وهو هذا القرآن، فيه النجاة والتقاة والحياة" وقال عروة 5: "أي: للحرب التي أعزكم بها بعد الذل". {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} 6، قال ابن عباس 7: "يحول بين المؤمن وبين الكفر وبين الكافر وبين الإيمان"، وقال مجاهد8: "حتى يتركه لا يعقل". وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك 9 ") .
وقوله: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} 10: يحذر تبارك وتعالى فتنة لا تخص أهل المعاصي بل تعم حيث لم تدفع فترفع، قال ابن عباس11: "أمر الله المؤمنين ألا يقروا المنكر بين ظهرانيهم، فيعمهم العذاب".
وقوله: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَن
__________
1 سورة الأنفال آية: 22.
2 سورة الأنفال آية: 24.
3 صحيح البخاري: 3/94.
4 ابن كثير: 2/297 والرواية عن قتادة.
5 نفس المصدر والجزء والصفحة.
6 سورة الأنفال آية: 24.
7 زاد المسير: 3/339, ابن جرير: 9/215.
8 تفسير مجاهد: 261, ابن كثير: 2/298.
9 مسند أحمد: 3/257.
10 سورة الأنفال آية: 25.
11 زاد المسير: 3/341, ابن جرير: 9/218.

الصفحة 12