كتاب مختصر تفسير سورة الأنفال (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني عشر)

اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} 1 قال ابن عباس 2: "أمانان: النبي والاستغفار، فذهب النبي وبقي الاستغفار". وقوله: {وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} يعني: من سبق له من الله الدخول في الإيمان. وقوله: {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} 3: يخبر تعالى أنهم أهل لذلك لأجل هذا الفعل ولهذا لما خرج الرسول عنهم عذبهم الله يوم بدر وقوله: {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ} الآية، أي: ليسوا أهلا له، وإنما أهله النبي ومن معه، كقوله: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ} 4 الآية. قال مجاهد 5: "هم المتقون، من كانوا، وحيث كانوا". وقوله: {وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} 6 المكاء: الصفير، والتصدية أي: التصفيق، وقوله: {فَذُوقُوا الْعَذَابَ} هو ما أصابهم يوم بدر.
وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} 7: قالوا: نزلت في إنفاق قريش وأبي سفيان الأموال بعد بدر، وإرصادها لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعلى كل تقدير فهي عامة وإن كان السبب خاصا.
وقوله: {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} 8 يحتمل أن يكون في الآخرة
__________
1 سورة الأنفال آية: 33.
2 ابن كثير: 2/305.
3 سورة الأنفال آية: 34.
4 سورة التوبة آية: 17.
5 ابن جرير: 9/239.
6 سورة الأنفال آية: 35.
7 سورة الأنفال آية: 36.
8 سورة الأنفال آية: 37.

الصفحة 16