كتاب مختصر تفسير سورة الأنفال (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني عشر)

إلى قوله: {وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} 1: يأمر تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بتحريض المؤمنين على القتال، ويخبرهم أنه حسبهم أي: كافيهم وناصرهم، وإن كثر عدوهم، ثم قال مبشرا وآمرا: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} 2 الآية. ثم نسخ الأمر، قال ابن عباس: 3 "لما نزلت شق على المسلمين حين فرض ألا يفر واحد من عشرة ثم جاء التخفيف فقال: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ} الآية ونقص من الصبر بقدر ما خفف".
وقوله: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} 4 الآيات، ذكر سبب النّزول في السيرة 5.
وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ} 6 الآية، قال ابن عباس: 7 "نزلت في عباس وأصحابه، قالوا: يا رسول الله آمنا بما جئت به، ولننصحن لك على قومنا، فأنزل الله هذه الآية "".
وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ} 8 الآيات: ذكر تعالى أقسام المؤمنين، وقسمهم إلى مهاجرين وأنصار، فهؤلاء بعضهم أولياء بعض، أي: كل منهم أحق بالآخر من كل أحد، فكانوا يتوارثون حتى نسخ، 9 ثم قال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ
__________
1 سورة الأنفال آية: 66.
2 سورة الأنفال آية: 65.
3 ابن جرير: 10/40-41, ابن كثير: 2/324, البخاري: 3/95-96.
4 سورة الأنفال آية: 67.
5 البداية والنهاية: 3/ 296 - 298 زاد المسير: 3/379 - 380.
6 سورة الأنفال آية: 70.
7 ابن جرير: 10/49 , ابن كثير: 2/327.
8 سورة الأنفال آية: 72.
9 ابن جرير: 10/52.

الصفحة 24