كتاب المقتبس من أنباء الأندلس

ويطلب النجاة من تخلف الفقهاء عليه، بغية أجوبتهم في ذلك بما يعمل عليه، فكان فقهاء قرطبة يحقدون ذلك عليه، فيذمونه ويتتبعون عثراته، ويبغضونه إلى الناس، وكان أشدهم عليه زعيم الجماعة يحيى بن يحيى، فهو الذي........... سعى في تجريحه إلى أن عزل عن القضاء.
فذكر خالد بن سعد قال: سمعت غير واحد من مشايخ أهل العلم يقول: كان بين الشيخ يحيى بن يحيى وبين يحيى بن معمر عداوة شديدة، فسعى يحيى بن يحيى في عزل يحيى بن معمر القاضي عند الأمير عبد الرحمن رحمه الله، وأقام عليه البينات من أهل العلم والعدالة.
قال ابن عبد البر: وقدم ليلة عيد، وكانت توضع للإمام عنزة في المصلى، فباكر أهل الدهاء والحركة واصطفوا إلى العنزة، ليختبروا خطبته وينتقدوا عليه، فلما نظر إليهم عرف بهيئاتهم أنهم بالصفة التي كانوا بها، ووقع في روعه السبب الذي ذهبوا إليه، فكادهم بأن قال للقومة: إني أرى الناس قد أزحموا حول العنزة، فقدموها إلى الفضاء ليستوسعوا! فبادر القوم إلى تقديم العنزة حتى وسعت، فتكنفوها واصطفوا حولها، وتثاقل ذوو الهيئات الذين نقلت من سببهم كما خف أولئك له، ومكثوا بمكانهم، فحصل الشيخ بحيلته على قرب من لم تكن عليه مؤونة من نقده، واسحنفر في خطبته، فكان ذوو التحصيل يعجبون مما فعله، ويحكونه كثيراً عنه.
وذكر إبراهيم بن محمد بن باز قال: لم يزل عبد الملك بن حبيب ممالئاً للقاضي ابن معمر مخالفاً للشيخ يحيى بن يحيى فيه إلى أن عصاه ابن معمر في القضاء لرجل يعنى به ابن حبيب، توجهت عليه فتوى

الصفحة 191