كتاب المقتبس من أنباء الأندلس
سنة أربع وثلاثين ومائتين
وعميد الفقهاء شيخ قرطبة يحيى بن يحيى الليثي، هلك لثمان بقين من رجب منها، وله ثنتان وثمانون سنة.
وقال أحمد بن محمد الرازي: بل عيشة الأربعاء لثمان بين من ذي حجة منها.
وفي كتاب ابن الفرضي: هو يحيى بن يحيى بن كثير بن وهلال بن تسمال بن منقايا، أصله من برابر مصمودة، يتولى بني ليث، يكنى أبا محمد، وكان كبير الأكابر بقرطبة، سمع فيها لأول نشأته من زياد بن عبد الرحمن الموطأ، ثم رحل إلى المشرق، فسمع الموطأ من مالك بن أنس غير أبواب من الاعتكاف شك في سماعها من مالك، فأثبت روايته فيها عن زياد عنه. ورحل إلى مالك وهو يومئذ ابن ثمان وعشرين سنة، فسمع منه، ومن نافع بن أبي نعيم، وسمع بمكة من سفيان بن عيينة، وبمصر من الليث بن سعد، وابن وهب، وابن القاسم، وغيرهم.
وقدم إلى الأندلس بعلم كثير، فعادت فتيا الأندلس بعد عيسى بن دينار إلى رأيه وقوله، وكان يفتى برأي مالك صرفاً لا يعدوه إلا في القنوت في الصبح فإنه تركه لرأي الليث، وترك يحيى من رأى مالك أيضاً الأخذ باليمين مع الشاهد، وأخذ بقول الليث في ترك ذلك وإيجاب شهيدين، وكان أيضاً لا يرى بعثة الحكمين عند تشاجر الزوجين، فكان ذلك مما ينكر عليه. وكان يحيى يفضل بالعقل على علمه.
الصفحة 218
354