كتاب سر الفصاحة
فأما مجانس التصحيف فقد ورد في شعر أب عبادة كقوله:
ولم يكن المغتر بالله إذ شرى ... ليعجز والمعتز بالله طالبه1
وكقوله:
وكأن السليل والنثرة الحصداء ... منه على سليل عريق2
وهذا أول طبقات المجانس لأنه مبنى على تجانس أشكال الحروف في الخط وحسن الكلام وقبحه لا يستفاد من أشكال حروفه في الكتابة إذ لا علقة بين صيغة اللفظ في الحروف وشكله في الخط.
فأما تناسب الألفاظ من طريق المعنى فإنها تتناسب على وجهين أحدهما أن يكون معنى اللفظتين متقارباً والثاني أن يكون أحد المعنيين مضاداً للآخر أو قريباً من المضاد فأما إذا خرجت الألفاظ عن هذين القسمين فليست بمناسبة وقد سمى أصحاب صناعة الشعر المتضاد من معاني الألفاظ المطابق وسماه أبو الفرج قدامة بن جعفر الكاتب المتكافيء وأنكر ذلك عليه أبو القاسم الحسن بن بشر على ما حكيناه في المجانس. وحكى أبو علي محمد بن المظفر الحاتمي عن أبي الفرج على بن الحسين الأصفهاني. قال: قلت لأبي الحسن على بن سليمان الأخفش أجد قوماً يخالفون في الطباق فطائفة تزعم وهي الأكثر: أنه ذكر الشئ وطائفة تخالف في ذلك وتقول: هو اشتراك المعنيين في لفظ واحد فقال: من هو الذي يقول هذا فقلت قدامة فقال:
__________
1 هذا البيت من قصيدة له في مدح المعتز بالله وهجاء المستعين وشرى: غضب ولج والمعتز بالله إشارة إلى المستعين.
2 الشليل: الغلالة تلبس تحت الدرع والنثرة الدرع السلسة الملبس أو الواسعة والحصداء الضيقة الحلق المحكمة والغريف الأجمة وسليلها الأسد.
الصفحة 199
315