كتاب سر الفصاحة
التبديل ومثله بقوله بعضهم: اشكر لمن أنعم عليك وأنعم على من شكرك وبقول الحسن البصري: إن من خوفك حتى تلقى الأمن وير لك ممن أمنك حتى تلقى الخوف. وقول عمر بن عبيد في بعض دعائه: اللهم أغنني بالفقر إليك ولا تفقرني بالاستغناء عنك. وقول رجل لآخر وكان يتعهده بالبر: اسأل الذي رحمني بك أن يرحمك بي
فأما المخالف فهو الذي يقرب من التضاد فكقول أبي تمام:
تردى ثياب الموت حمراً فما أتى ... لها الليل إلا وهي من سندس خضر
قال الحمر والخضر من المخالف وبعض الناس يجعل هذا من المطابق.
وكذلك قول عمر بن كلثوم:
بانا نورد الرايات بيضاً ... وتصدرهن حمراً قد روينا
وقول الوليد بن عبيد البحتري:
والصحيح أنهم يعتبرون في التضاد استعمال الألفاظ والأحمر والأبيض ليسا بضدين على عرفهم. وإنما ضد البياض السواد على ما ذكرناه آنفاً.
ومن قبيح المخالف قول أبي تمام:
مكرهم عنده فصيح وإن هم ... خاطبوا مكره رأوه جليباً
لأنه لما أراد أن يخالف بين فصيح وجليب وهو الذي قد جلب في السبي فلم يفصح بالكلام وجعل المكر جليباً وذلك من الاستعارات المستحيلة والأغراض الفاسدة.
الصفحة 204
315