كتاب سر الفصاحة

فإن هذين البيتين وأن تساويا في كمية الألفاظ فإن بيت أبي عبادة أوضح لأنه بين بذكر الصبا ما يلف القضيب على القضيب.
ومن ذلك أيضاً قول أبي القاسم المطرز البغدادي:
وردت وقد حل لي ماؤه ... فلما بكيت عليه حرم
وقول مهيار بن مرزويه:
فبيت مهيار وأن قارنت ألفاظه عدد ألفاظ بيت المطرز فقد تضمن من إيضاح المعنى ما لم يتضمنه بيت المطرز لأن قائلاً لو قال لم حرم الماء لما بكى عليه لو جب - في حق تفسير المعنى وإيضاحه - أن يقال: لأن دموعه كانت دماً غلب على هذا الماء والدم حرام فقد أتى مهيار بهذا التفسير في متن البيت.
وعلى هذا القياس يعتبر الإيضاح في الإيجاز لئلا يقع فيه إخلال بالمعنى وإشكال فيه ولذلك أمثله منها قول عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود:
أعاذل عاجل ما أشتهى ... أحب من الأكثر الرائث
لأنه أراد عاجل ما اشتهى مع القلة أحب إلى من الأكثر المبطي فترك مع القلة وبه تمام المعنى.
ومنها قول عروة بن الورد:
عجبت لهم إذ يقتلون نفوسهم ... وفقدلهم عند الوغى كان أعذرا
كأنه أراد أن يقول: عجبت لهم إذ يقتلون نفوسهم في السلم

الصفحة 215