كتاب سر الفصاحة
وأمثال هذا أكثر من أن تحصى.
وأما التذييل: فهو العبارة عن المعنى بألفاظ تزيد عليه وإنما لم نقل في التذييل إيضاح المعنى كما قلنا في حد المساواة والإيجاز لما يذهب إليه من حمد الإيجاز والمساواة إذا كان المعنى فيهما واضحا فاحترزنا بالإيضاح من أن ندخل في الحد ما لا نحمده من المساواة والإيجاز اللذين يكون المعنى فيهما غامضاً خفيا فأما التذييل قانا على ما قدمناه لا نحمده في موضع من المواضع فلا معنى لاحترازنا بذكر الإيضاح في جده. فأما مثاله فكما وقفت لبعض الكتاب المتأخرين على فصل من كتاب له شفاعة وهو: وفلان بن فلان الرجل المشهور بالفروسية والرجلة والشجاعة والنجدة وله السن والحنكة والتجارب والدربة فهذا كله تطويل بإيراد ألفاظ كثيرة تدل على معنى واحد. وكذلك قول الشاعر:
فقدمت الأديم لراهشيه ... وألفى قولها كذباً ومينا
فالكذب والمين واحد
والفرق بين التطويل والحشو أن الحشو لفظ يتميز عن الكلام بأنه إذا حذف منه بقى المعنى على حاله والتطويل هو أن يعبر عن المعاني بألفاظ كثيرة كل واحد منها يقوم مقام الآخر فأي لفظ شئت من تلك الألفاظ حذفته وكان المعنى على حاله وليس هو لفظاً متميزاً مخصوصاً كما كان الحشو لفظاً متميزاً مخصوصا يبين ذلك أن الحشو على ما قدمناه من وصفه نحو قول أبي عدي:
نحن الرؤس وما الرؤس إذا سمت ... في المجد للأقوام كالأذناب
فللأقوام هو الحشو لأن هذه اللفظة دون ألفاظ البيت هي التي إذا حذفت منه بقي المعنى بحاله والتطويل مثل ما حكيناه في قوله: الرجل
الصفحة 219
315