كتاب سر الفصاحة

المشهور بالفروسية والرجلة والشجاعة والنجدة. لأن هذه الألفاظ كلها بمعنى واحد فأنت أن شئت حذفت الرجلة وإن شئت حذفت الشجاعة وإن شئت حذفت النجدة وإن حذفتهما معاً بقي الكلام بحاله فهذا هو الفرق بين الحشو والتطويل وعلى أن الحشو في الأكثر إنما يقع في النظم لأجل الوزن وفي النثر لأجل تساوى الفصول أو الأسجاع ويجب أن يعتبر الكلام في التطويل والحشو والمساواة والإيجاز والإخلال بهذا الاعتبار وهو أن يتأمل الكلام المؤلف فإن كان المعنى فيه ناقصاً غير مستوفى فذلك الإخلال. وإن كان المعنى تاماً فلا يخلو أن يكون في الألفاظ ما إذا حذفته بقي المعنى بحاله أو ليس في الألفاظ ما إذا حذف بقى المعنى بحاله فإن كان فيها ما إذا حذف بقى المعنى بحاله فلا يخلو من أن يتميز ذلك اللفظ الزائد من غيره أو لا يتميز فإن لم يتميز فتلك الإطالة وأن تميز فذلك الحشو وإن لم يكن في الكلام ما إذا حذف بقي المعنى بحاله فلا يخلو من أن يكون تمكن العبارة عن ذلك المعنى بأقل من تلك الألفاظ أو لا تمكن فإن كان تمكن العبارة عن ذلك المعنى بأقل من ذلك اللفظ فتلك المساواة وإن كان لا تمكن العبارة عن ذلك المعنى بأقل من ذلك اللفظ فذلك هو الإيجاز. فبهذا يصح لك اعتبار الأقسام المذكورة ولا يخفى شئ منها على المتأمل.
ومن شروط الفصاحة والبلاغة: أن يكون معنى الكلام واضحاً ظاهراً جلياً لا يحتاج إلى فكر في استخراجه وتأمل لفهمه وسواء كان ذلك الكلام الذي لا يحتاج إلى فكر منظوماً أو منثوراً.
وإنما احتجنا إلى هذا التفصيل لأن أبا اسحق إبراهيم بن هلال الصابي غلط في هذا الموضع فزعم أن الحسن من الشعر ما أعطاك معناه بعد مطاولة وممطالطة والحسن من النثر ما سبق معناه لفظه ففرق بين النظم والنثر في هذا الحكم ولا فرق بينهما ولا شبهة تعترض المتأمل في ذلك.

الصفحة 220