كتاب سر الفصاحة
قسم الزمان ربوعها بين الصبا ... وقبولها ودبورها أثلاثاً
فهذا فاسد من طريق التكرار
لأن القبول هي الصبا على ما ذكره جماعة من أهل اللغة.
ومن ذلك أيضاً قول هذيل الأشجعي:
فما برحت تومى إلي بطرفها ... وتومض أحياناً إذا خصمها غفل
لأن-تومي بطرفها وتومض-في معنى واحد.
ومنه قول الآخر:
أبادر إهلاك مستهلك ... لمالي أو عبث العابث
فهذا فاسد لدخول أحد القسمين في الآخر لأن عبث العابث داخل في استهلاك المستهلك.
ومن هذا الجنس: أن بعض المتخلفين سأل مرة قال علقمة بن عبدة جاهلي أو من بني تميم فضحك منه لأن الجاهلي قد يكون من بني تميم ومن بني عامر والتميمي قد يكون جاهلياً وإسلامياً. وكتب بعضهم إلى عامل من قبله: ففكرت مرة في عزلك وأخرى في صرفك وتقليد غيرك وكتب أيضاً في هذا الكتاب: فتارة تسترق الأموال وتختزلها وتارة تقتطعها وتحتجنها.
وهذا مثل الأول في التكرير. وكتب آخر في فتح فقال: فمن بين جريح مضرج بدمائه وهارب لا يلتفت إلى ورائه. وهذان القسمان يدخل كل واحد منهما في الآخر لأن الجريح قد يكون هاربا والهارب قد يكون جريحاً.
وروى أبو الفرج قدامة بن جعفر: أن ابن منارة وقع على ظهر رقعة عامل من عماله هرب من صارفه - وكتب إليه رقعة يعلم بها ما عنده
الصفحة 237
315