كتاب سر الفصاحة
طريق المضاف وهو الشيء الذي يقال بالقياس إلى غيره مثل الضعف بالقياس إلى نصفه والأب إلى ابنه والمولى إلى عبده وأما على طريق التضاد مثل الأبيض والسود والشرير والخير وأما على طريق العدم والقنية كالأعمى والبصير والأمرد وذي اللحية وأما على طريق النفي والإثبات مثل أن يقال زيد جالس زيد ليس بجالس. فإذا ورد في الكلام جمع بين متقابلين من هذه المتقابلات من جهة واحدة فهو عيب في المعنى والمراد بقولنا من جهة واحدة أن لا يكون المتقابلان من جهتين فإنهما إذا كانا من جهتين لم يكن الكلام مستحيلا مثال ذلك أن يقال: العشرة ضعف ونصف لكنها ضعف الخمسة ونصف العشرين فيكون هذا صحيحاً لأنه تقابل من جهتين فأما لو كان من جهة واحدة حتى يقال: إن العشرة ضعف الخمسة ونصفها لكان ذلك محالا وكذلك يقال في المتقابلين بالعدم والقنية زيد أعمى العين بصير القلب فيكون ذلك صحيحاً فأما لو قيل زيد أعمى العين بصير العين كان ذلك محالا وكذلك في التضاد أن يقال: الفاتر حار عند البارد وبارد عند الحار ولا يكون حاراً بادراً عند أحدهما وزيد كريم بالطعام بخيل بالثياب ولا يصح أن يقال كريم بالثياب بخيل بها.
وإذا كان هذا مفهوماً فالذي يقع في النظم والنثر من هذا التناقض على هذا النحو عيب في المعاني بغير شك وإن كانوا قد تسمحوا في الشعر أن يكون في البيت شيء وفي بيت آخر ما ينقضه حتى يذم في بيت شئ من وجه ويمدح في بيت آخر من ذلك الوجه بعينه وإنما أجازوا هذا لأنهم اعتقدوا أن كل بيت قائم بنفسه فجرى البيتان مجرى قصيدتين. فكما جاز للشاعر أن يناقض في قصيدتين كذلك جاز له أن
الصفحة 239
315