كتاب سر الفصاحة
فقال: إن القتل أعفى وأيسر فكأنه قال إن القتل مثل الهجر وليس هو مثله وذلك متناقض ولو كان استوى له أن يقول بل القتل أعفى وأيسر لكان الشعر مستقيماً لأن لفظة بل تنفى الماضي وتثبت المستأنف كما قال زهير:
حي الديار لم يعفها القدم ... بلى وغيرها الأرواح والديم
على أنهم قد عابوا هذا البيت على زهير لكنه بمجيء بلى فيه لم يكن عندي فاسدا وقد يمكن فيه من التأويل وجه آخر: وهو أن زهيراً قال لم يعفها القدم وغيرتها الريح والأمطار وليس ذلك بمتناقض لأن التغير دون أن تعفو والقدم غير الريح والمطر. ومن قال: لم يقتل زيد عمراً بل ضربه بكر لم يكن متناقضا وإنما المناقضة أن يقول: لم يقتل زيد عمراً وقتله زيد ويكون الأول هو الثاني وهذا واضح.
ومن الاستدلال قول الآخر: 1
أليس قليلاً نظرة إن نظرتها ... إليك وكلا ليس منك قليل
وقد ذهب أبو الفرج قدامة بن جعفر إلى أن قول ابن هرمة في صفة الكلب:
تراه إذا ما أبصر الضيف مقبلاً ... يكلمه من حبه وهو أعجم
من المتناقض لأنه اقنى الكلب الكلام في قوله يكلمه ثم أعدمه إياه عند قوله: إنه أعجم وهذا غلط من أبي الفرج طريف
__________
1 هو ليزيد بن الصمة المعروف بابن الطئرية.
الصفحة 241
315