كتاب سر الفصاحة

لأن الأعجم ليس هو الذي قد عدم الكلام جملة كالأخرس وإنما هو الذي يتكلم بعجمة ولا يفصح قال الله تبارك وتعالى: {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} . 1
وإذا قيل: فلان يتكلم وهو أعجم لم يكن ذلك متناقضا على أن الرواية الصحيحة في بيت ابن هرمة:
يكاد إذا ما أبصر الضيف مقبلاً
وهذا البيت من إحسان ابن هرمة المشهور.
وكذلك ذهب أبو القاسم الآمدي إلى تناقض بيت أبي تمام في صفة الفرس:
وبشعلة تبدو كأن فلولها ... في صهوتيه بدو شيب المفرق
مسود شطر مثل ما اسود الدجى ... مبيض شطر كابيضاض المهرق2
قال: لأنه ذكر في البيت الأول إنه اشعل ثم قال في الثاني: إن نصفه أسود ونصفه أبيض وذلك هو الأبلق فكيف يكون فرس واحد أشعل أبلق وهذا من أبي القاسم تحامل على أبي تمام لأنه يصف فرساً أشعل ويريد بقوله: إنه مسود شطر ومبيض شطر أن سواده وبياضه متكافئان فلو جمع السواد لكان نصفه وكذلك البياض وهذا الوصف من تكافي السواد والبياض في الأشعل محمود حتى أن النخاسين يقولون: أشعل شعرة شعرة فعلى هذا لا يكون شعر أبي تمام من المتناقض.
ومما يعترض الشك فيه قول أبي العلاء احمد بن عبد الله بن سليمان:
ولقد سلوت عن الشباب كما سلا ... غيري ولكن للحزين تذكر
__________
1 سورة النحل الآية 103.
2 المهرق: الصحيفة.

الصفحة 242