كتاب سر الفصاحة

كان يستعمل في أيام أبي إسحاق الصابي مع قرب زمانه منا وإذا كان الأمر على هذا جارباً فليس يصح لنا أن نضع رسموماً نوجب اقتفاءها لأنا نحن في هذا الزمان قد غيرنا الرسم المتقدم لمن قبلنا وكذلك ربما جرى الأمر فيما بعدنا.
لكن أصول الأغراض في الأوصاف والمعاني مما لا تتبدل ولا تتغير فليكن الائتمام بها واقعا والاجتهاد في جريها على قانون السداد والصواب حاصلا فقد عيب أبو عبادة في مديحه الخليفة بقوله:
لا العدل يردعه ولا التعنيف ... عن كرم يصده
وقيل: من هو الذي يجسر على عذل الخليفة وتعنيفه وليس هذا المدح مما يصلح للملوك والأمراء فضلا عن الأئمة والخلفاء.
وعيب أبو ذؤيب الهذلي في قوله يصف الفرس:
قصر الصبوح لها فشرج لحمها ... بالتي فهي تثوخ فيها الإصبع1
وقيل: وصف لحمها باللين وإنما يحمد صلابة لحم الفرس.
وعيب قول أبي عبادة:
ذنب كما سحب الرداء يذب عن ... عرف وعرف كالقناع المسبل
وقول امرئ القيس قبله:
لها ذنب مثل ذيل العرو ... من تسد به فرجها من دبر
__________
1 الصبوح: البن الذي يقدم لها في الصباح وشرج لحمها بالني: خالطه الني وهو الشحم ويثوخ: يغيب.

الصفحة 257