كتاب سر الفصاحة
لو رأى الله أن في الشيب فضلا ... جاورته الأبرار في الخلد شيبا
كل يوم تبدى صروف الليالي ... خلقاً من أبي سعيد غريبا
وأمثال هذا للمتقدمين كثير.
وأما إذا ابتدىء بالمديح أو بغيره من الأغراض فالأحسن أن يكون الابتداء دالاً على المعنى المقصود كما ابتدأ أبو الطيب المتنبي قصيدته التي مدح بها سيف الدولة واعتذر له عن ظفر الروم بجيشه وقتلهم وأسرهم جماعة منهم فقال:
غيري بأكثر هذا الناس ينخدع ... إن قاتلوا جبنوا وحدثوا شجعوا
فابتدأ بغرضه من أول القصيدة.
ومن الصحة التفسير وهو أن يذكر مؤلف الكلام معنى يحتاج إلى تفسيره فيأتي به على الصحة من غير زيادة ولا نقص كقول الفرزدق:
لقد جئت قوماً لو لجأت إليهم ... طربد دم أو حاملا ثقل مغرم
لألفيت فيهم معطيا ومطاعنا ... وراءك شزرا بالوشيج المقوم1
وهذا تفسير للأول موافق.
فأما فساد التفسير فكقول بعضهم:
وفيا أيها الحيران في ظلم الدجى ... ومن خاف أن يلقاه بغى من العدى
تعال إليه تلق من نور وجهه ... ضياء ومن كفيه بحراً من الندى
__________
1 الوشيج: شجر الرماح.
الصفحة 270
315