كتاب سر الفصاحة

وقول ابن هاني الأندلسي:
أمديرها من حيث دار لشد ما ... زاحمت تحت ركابه جبريلا
وأما استعمال الغلو الخارج إلى الإحالة في النثر فقليل وأكثر ما يستعمل فيه المبالغة التي تقارب الحقيقة كقول بعضهم: لهم جود كرام استعت أحوالها وبأس ليوث تتبعها أشبالها وهمم ملوك انفسحت آمالها وفخر صميم شرفت أعمامها وأخوالها فبالع لما جعل لهم جود الكرام مع اتساع الحال وبأس الليوث مع اتباع الأشبال وكذلك ما بعده من الكلام.
ومن المبالغة قول النابغة الذبياني:
وإنما كان هذا الاستثناء من المبالغة في المدح لأنه قد دل به على أنه لو كان فيهم عيب غيره لذكره وأنه لم يقصد إلا وصفهم بما فيهم على الحقيقة.
ومنه أيضاً قول أبي هفان:
ولا عيب فينا غير أن سماحنا ... أضر بنا والبأس من كل جانب
فأفنى الردى أعمارنا غير ظالم ... وأفنى الندى أموالنا غير عائب
أبونا أب لو كان للناس كلهم ... أباً واحداً أغناهم بالمناقب
ومنه قول النابغة الجعدي:
فتى كملت أخلاقه غير أنه ... جواد فما يبقى من المال باقيا
وأما التحزر مما يوجب الطعن: فأن يأتي بكلام لو استمر عليه لكان فيه طعن فيأتي بما يتحرز به من ذلك الطعن كقول طرفة:

الصفحة 273