كتاب سر الفصاحة
فسقى ديارك غير مفسدها ... صوب الربيع وديمة تهمى1
فلو لم يقل: غير مفسدها لظن به أنه يريد توالي المطر عليها وفي ذلك فساد للديار ومحو لرسومها كما عابوا قول ذي الرمة:
ألا يا اسلمي يا دار مي على البلى ... ولا زال منهلاً بجرعائك القطر
وقالوا: إذا لم يزل القطر منهلا عليها عفى آثارها ودرس معالمها فاحترز طرفة بقوله: غير ألا يا اسلمي يا دار مي على البلى ولأجل هذا الغرض قال الرضى رحمه الله في وصف المطر المستسقى به القبر وذكر السحابة:
تجرى وذاك الرمس غير مروع ... منها وذاك الترب غير مثار
واستقبح قول أبي الطيب المتنبي في مثله:
لساحيه على الأجداث حفش ... كأيدي الخيل أبصرت المخالي2
ومن الاحتراز أيضاً قول عبد الله بن المعتز بالله في صفة الخيل:
صببنا عليها ظالمين سياطنا ... فطارت بها أيد سراع وأرجل
فإنه لو يقل: ظالمين لكان للمعترض عليه أن يقول: إنما
__________
1 هذا البيت من قصيدة له في مدح قتادة بن مسلمة الحنفي وكان أصاب قومه جدب فبذل لهم وصوب الربيع: مطره والديمة: المطر الدائم.
2 الساحي: الذي يقشر الأرض بشدة انصبابه والأجداث: القبور وحفش: وقع شديد والمخالي: التي وضع فيها الشعير للخيل.
الصفحة 274
315