كتاب سر الفصاحة
ومن الاستدلال بالتمثيل على الوجه الصحيح قول النابغة الذبياني يخاطب النعمان:
ولكنني كنت امرأ لي جانب ... من الأرض فيه مستراد ومذهب
ملوك وإخوان إذا ما لقيتهم ... أحكم في أموالهم وأقرب
كفعلك في قوم أراك اصطنعتهم ... فلم ترهم في شكر ذلك أذنبوا
فاستدل النابغة على أنه لا يستحق اللوم بمدحه آل جفنة وقد أحسنوا إليه بما مثله من القوم الذين أنعم النعمان عليهم فلما مدحوه لم يكونوا عنده ملومين.
وأما الاستدلال بالتعليل فكقول أبي الحسن التهامي:
لو لم يكن ريقته خمرة ... لما تثنى عطفه وهو صاح
وقوله:
لو لم يكن اقحواناً ثغر مبسمها ... ما كان يزداد طيباً ساعة السحر
وقول أبي عبادة:
ولو لم تكن ساخطاً لم أكن ... أذم الزمان وأشكو الخطوبا
وقول ابن هانئ الأندلس:
ولو لم تصافح رجلها صفحة الثرى ... لما كنت أدرى علة للتيمم
وقول الله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} 1 جار هذا المجرى.
__________
1 سورة الأنبياء آية 22.
الصفحة 277
315