كتاب سر الفصاحة
فلما فعل قال إنها لأبي تمام. فقال: خرق خرق فخرقها.
وعن لأصمعي أن إسحاق بن إبراهيم الموصلي أنشد:
هل إلى نظرة إليك سبيل ... فيروى الصدى ويشفى الغليل
إن ما قل منك يكثر عندي ... وكثير ممن يحب القليل
فقال له الأصمعي: لمن تنشدني فقال لبعض الأعراب فقال هذا والله هو الديباج الخسرواني قال: فإنهما لليلتهما قال: لا حرم والله إن آثار الصنعة والتكلف بين عليهما.
وذهب غير هؤلاء من أهل العلم بالشعر فقال: إن الطرق في نقد الشعر ما قدمناه من نعوت الألفاظ والمعاني فأما قائله وتقدم زمانه أو تأخره فلا تأثير له في ذلك لأن القديم كان محدثاً والمحدث سيصير قديما والتأليف على ما هو عليه لا يتغير وفي المحدثين من هو أشعر من جماعة من المتقدمين وفي المتقدمين من هو أشعر من جماعة من المحدثين. وإلى هذا كان يذهب أبو عثمان الجاحظ وأبو العباس المبرد وأبو عبادة البحتري وأبو العلاء بن سليمان آنفاً وهو الصحيح الذي لا يعترض العاقل فيه شك ولا شبهة وسنتكلم على ما تعلقت به تلك الطائفة من الشبه الفاسدة.
أما من ذهب إلى تفضيل المتقدم بمجرد تقدم زمانه فإنه لم يذهب في ذلك إلى علة غير مجرد الدعوى فلو قال له قائل: شعر المحدثين أفضل لتأخر زمانهم لم يكن بين القولين فرق ثم يقال له: ما عندك في امرئ القيس أهو عندك في الطبقة الأولى من الشعراء أم ليس في الطبقة الأولى فإن قال هو في الطبقة الأولى قيل له ولم وقد كان قبله جماعة من الشعراء معروفين أحدهم ابن حذام الذي قيل إنه أول من بكى على الديار وذكره امرؤ القيس في شعره فقال:
الصفحة 279
315