كتاب الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري
فالاتجاه عام وصفي، أما المنهج فهو خاص تطبيقي.
وقد يعين على هذه التفرقة قول الله - عَزَّ وَجَلَّ - {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} (¬1).
فالشرعة - أي الشريعة - هي الفرائض والحدود والحلال والحرام. والمنهاج هو كيفية تقنين هذه الأحكام، وطريقة تنفيذها، وبيان السبل التطبيقية لها، وغير ذلك مما يختلف باختلاف الأديان.
وبهذا تبرز العلاقة الوثيقة بين الاتجاه والمنهج، فللحصول على الاتجاه، يلزم التعرف على الجزئيات، وإعمال النظر في المنهج، وتلك طريقة تجمع بين التحليل والتركيب.
[ب] بَيْنَ الحَدِيثِ وَالسُنَّةِ:
الحديث في اللغة، يطلق على الجديد، ضد القديم، كما يطلق على الخبر والقصص. في " القاموس المحيط ": «والحديث: الجديد، والخبر، كالحديثي» وفي " لسان العرب ": «والحديث: الجديد من الأشياء، والحديث: الخبر، يأتي على القليل والكثير والجمع أحاديث، كقطيع وأقاطيع، وهو شاذ على غير قياس ...» ثم قال صاحب " اللسان ": «ورجل حدِث، وحدوث، وحدْث، وحديث، ومحدث، بمعنى واحد: كثير الحديث، حسن السياق له، والأحاديث في الفقه وغيره معروفة».
وعند إطلاق لفظ الحديث الآن ينصرف إلى حديث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو ما نقل عنه من قول أو فعل أو تقرير.
¬__________
(¬1) [المائدة: 48]. و «الشرعة»: إما من شرع بمعنى وَضَّحَ وَبَيَّنَ وإما من الشروع في الشيء، وهو الدخول فيه، الشريعة بمعنى المشروعة: وهي الأشياء التي أوجب الله على المكلفين أن يشرعوا فيها و «المنهاج»: هو الطريق الواضح. انظر " مفاتيح الغيب " للرازي؛ و" تفسير المنار ": 6/ 413، 414.
الصفحة 12
671