كتاب الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري

بدليل الحديث الذي دل على أن أحد الشريكين لو أعتق نصيبه في عبد، فإن العبد يعتق كله، ويستسعى في نصف قيمته، أما القرعة بين الزوجات في السفر فليس واجبًا على الزوج، بل يسعه تركه، لأن له أن يسافر بدونهن جميعًا، فله كذلك أن يسافر ببعضهن دون بعض، لأن السفر يرفع حكم القسم بينهن، فالقرعة حينئذٍ لتطييب خاطر من لا تخرج منهن، أما أن تكون القرعة للإلزام فلا (¬1).

8 - الوَقْفُ:
وَبِسَنَدِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «أَصَابَ عُمَرُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْهَا، فَقَالَ: " أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ، لَمْ أُصِبْ مَالاً قَطُّ عِنْدِي أَنْفَسَ مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ " قَالَ: " إِنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْت بِهَا ".
قَالَ: فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا، وَلاَ يُوهَبُ، وَلَا يُورَثُ، فَتَصَدَّقَ بِهَا فِي الفُقَرَاءِ، وَالقُرْبَى، وَفِي الرِّقَابِ، وَفِي سَبِيلِ اللهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَالضَّيْفِ (*)، لاَ جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالمَعْرُوفِ، أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا، غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ».
- وذُكِرَ أنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: «يَجُوزُ لِلوَرَثَةِ أَنْ يَرُدُّوا ذلِكَ».
نَقَلَ الطَّحَاوِيُّ مِثْلَ رَأْيِ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَشُرَيْحٍ، ثُمَّ أَيَّدَ رَأْيَ أَبِي حَنِيفَةَ بِمَا لَا يَقْنَعُ، وَقَدْ خَالَفَهُ صَاحِبَاهُ فِي حُكْمِ الوَقْفِ، وَاعْتَذَرَ عَنْهُ أُبُو يُوسُفَ بِأَنَّ الحَدِيثَ لَمْ يَبْلُغْهُ، وَلَوْ بَلَغَهُ لَقَالَ بِهِ وَلَمْ يُخَالِفْهُ (¬2).

9 - المُزَارَعَةُ:
وَبِسَنَدِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَلَ أَهْلَ
¬__________
(¬1) انظر " معاني الآثار ": 2/ 420، 422؛ و" الترمذي ": 6/ 121، 123؛ و" البخاري ": 2/ 68 (بَابُ القُرْعَةِ فِي المُشْكِلاَتِ)، 92 (بَابُ حَمْلِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ فِي الغَزْوِ دُونَ بَعْضِ نِسَائِهِ).
(¬2) " معاني الآثار ": 2/ 249، 251؛ و" الترمذي ": 6/ 143، 144؛ و" النسائي ": [6] / 229، 232؛ و" البخاري " في كتاب الوصايا: 1/ 79، 81.

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / البَاحِثُ: تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:
(*) في الكتاب المطبوع (والضعيف) والصواب ما أثبته انظر " المصنف " لابن أبي شيبة، تحقيق الشيخ محمد عوامة، حديث رقم 37266، (38) كتاب الرد على أبي حنيفة (19) الوقف، 20/ 76، الطبعة الأولى: 1427 هـ - 2006 م، دار القبلة للثقافة الإسلامية. جدة - المملكة العربية السعودية ومؤسسة علوم القرآن. دمشق - سوريا.

الصفحة 570