كتاب رسالة التوحيد المسمى بـ تقوية الإيمان

بصفر (¬1) ، وهو الذي جاء نفيه في هذا الحديث.
ومعنى ذلك أن ما يعتقده الناس في بعض الأمراض أنها من تأثير الشياطين، والعفاريت، وأنها من تصرفاتهم، باطل لا أصل له، مثل ما ذكرنا عن مرض الجدري وغيره من الأمراض التي يربطها المشركون في الهند ببعض الآلهة، والقوى المتصرفة في العالم - زعموا -.
وقد اشتهر في الجهال أن شهر صفر نحس، يجب أن يكف الناس فيه عن أعمال ذات قيمة وخطر، مثل الزواج، والأسفار، والتجارات، والمعاملات (¬2) ، ويدخل في ذلك ما يعتقده جهال الهند أن الأيام الثلاثة عشر الأولى من شهر صفر مشئومة نحسة بصفة خاصة، ينزل فيها البلاء، ويسمونها " تيره تيزي " (¬3) فتفسد الأعمال وتحبط المساعي، وكذلك يخصصون بعض الأيام من الشهر بالنحس، فيتوقفون عن مباشرة بعض الأعمال المهمة فيها، بل يجب أن يكون جل الاعتماد على اللَّه تعالى، والإيمان بأنه هو الضار النافع، والمعطي المانع، والمؤثر الحقيقي في الأشياء.
وقد أخرج ابن ماجه عن جابر «أن رسوله اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أخذ بيد
¬_________
(¬1) قال القسطلاني في شرح البخاري: وهو فيما قيل: دابة تهيج عند الجوع، وربما قتلت صاحبها، وكانوا يعتقدون أنها أعدى من الجرب، وهذا ذكره مسلم عن جابر بن عبد اللَّه في حديثه المروي عنده فتعين المصير إليه، (ج 8، ص 318) .
(¬2) قال البيضاوي في شرح «لا صفر» : هو نفي لما يتوهم أن شهر صفر يكثر فيه الدواهي (شرح البخاري للقسطلاني (ج 8، ص 318) ، وفي «مجمع بحار الأنوار للفتني: وقيل هو الشهر المعروف، زعموا أن فيه يكثر الدواهي والفتن، فنفاه الشارع (مجمع بحار الأنوار ج 2، ص 251) .
(¬3) الأيام الثلاثة عشر الحادة، و «تيز» معناه «الحاد الشديد» .

الصفحة 158