كتاب رسالة التوحيد المسمى بـ تقوية الإيمان

اعتقد أنهم يقدرون على ذلك بأنفسهم، أو اعتقد أن اللَّه سبحانه وتعالى وهبهم هذه القدرة، وخلع عليهم هذه الكرامة.
3 - أعمال العبادة وشعائرها، خاصة بالله تعالى:
والأمر الثالث: أن اللَّه سبحانه وتعالى خصص بعض أعمال التعظيم لنفسه، وهي التي تسمى " عبادة " كالسجود والركوع، والوقوف بخشوع، وتواضع (مثلا يضع يده اليمنى على اليسرى (¬1) وإنفاق المال باسم من يعتقد فيه الصلاح أو العظمة، والصوم له، وقصد قبره من أنحاء بعيدة، وشد الرحل إليه بوجه يعرف كل من رآه أنه يؤم قبره حاجا زائرا، والهتاف باسمه في الطريق كالتلبية، والتجنب من الرفث والفسوق، والقنص وصيد الحيوانات، ويمضي بهذه الآداب والقيود، ويطوف بالقبر ويسجد إليه، ويسوق الهدي إليه، وينذر النذور هناك، ويكسو ذلك القبر، كما تكسى الكعبة، والوقوف على عتبته، والإقبال على الدعاء والاستغاثة، والسؤال لتحقيق مطالب الدنيا والآخرة، وبلوغ الأماني، وتقبيل حجر من أحجار هذا القبر والالتزام بجداره، والتمسك بأستاره، وإنارة السرج والمصابيح حوله تعظيما وتعبدا، والاشتغال بسدانته، والقيام بجميع الأعمال التي يقوم بها السدنة من كنس وإنارة، وفرش وسقاية، وتهيئة أسباب الوضوء والغسل، وشرب ماء بئره تبركا، وصبه على الجسم، وتوزيعه على الناس، وحمله إلى من لم يحضر، واحترام الغابة التي تحيط به، والتأدب معها،
فلا يقتل صيدها، ولا يعضد شجرها، ولا يختلى خلاها، ولا يرعى ماشية في حماها.
¬_________
(¬1) كما كان يقف العبيد بين يدي سادتهم في مجالس الملوك في بلاد العجم.

الصفحة 58