كتاب حسن الظن بالله لابن أبي الدنيا

111 - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ حَيَّانَ الْبَصْرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيِّ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ مُحَارِبٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، قَالَ: " تَمَثَّلَ مُعَاوِيَةُ عِنْدَ الْمَوْتِ:
[البحر الطويل]
هُوَ الْمَوْتُ لَا مَنْجَا مِنَ الْمَوْتِ وَالَّذِي ... نُحَاذِرُ بَعْدَ الْمَوْتِ أَدْهَى وَأَفْظَعُ
ثُمَّ قَالَ: §اللَّهُمَّ فَأَقِلِ الْعَثْرَةَ وَعَافِ مِنَ الزَّلَّةِ وَجُدْ بِحِلْمِكَ عَلَى جَهْلِ مَنْ لَمْ يَرْجُ غَيْرَكَ، وَلَمْ يَثِقْ إِلَّا بِكَ؛ فَإِنَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ لَيْسَ لِذِي خَطِيئَةٍ مَهْرَبٌ إِلَّا أَنْتَ ". قَالَ: فَبَلَغَنِي أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ بَلَغَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَقَالَ: «لَقَدْ رَغِبَ إِلَى مَنْ لَا مَرْغُوبَ إِلَيْهِ مِثْلَهُ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَلَّا يُعَذِّبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ»
112 - حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي الْمُنْذِرِ الْكُوفِيِّ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ جَعَلَ يَقُولُ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ: «§إِنْ تُنَاقِشْ يَكُنْ نِقَاشُكَ يَا رَبِّ، عَذَابًا لَا طَوْقَ لِي بِالْعَذَابِ، أَوْ تُجَاوِزْ فَأَنْتَ رَبٌّ رَحِيمٌ عَنْ مُسِيءٍ ذُنُوبُهُ كَالتُّرَابِ»
113 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحِ بْنِ مُسْلِمٍ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: " لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ كَلَامًا عَلَى أَعْوَادِهِ هَذِهِ حَسَدْتُهُ عَلَيْهِ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: §اللَّهُمَّ إِنَّ ذُنُوبِي عَظُمَتْ فَجَلَّتْ عَنِ الصِّفَّةِ، وَإِنَّهَا صَغِيرَةٌ فِي جَنْبِ عَفْوِكَ فَاعْفُ عَنِّي "
114 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَنْشَدَنِي أَبُو عِمْرَانَ السُّلَمِيُّ:
[البحر الطويل]
§وَإِنِّي لَآتِي الذَّنْبَ أَعْرِفُ قَدْرَهُ ... وَأَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ يَعْفُو وَيَغْفِرُ
لَئِنْ عَظَّمَ النَّاسُ الذُّنُوبَ فَإِنَّهَا ... وَإِنْ عَظُمَتْ فِي رَحْمَةِ اللَّهِ تَصْغُرُ "

الصفحة 106