كتاب مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة

والذمة، فلا يدخلها من أصحابك إلا من تثق بدينه، ولا يرزأ أحد من أهلها شيئا، فأن لهم حرمة وذمة ابتليت بالوفاء بها كما ابتلوا بالصبر عليها. فما صبروا لكم فتولّوهم خيرا. ولا تستنصروا على أهل الحرب بظلم أهل الصلح. فاذا وطئت أرض العدو فأذك العيون بينك وبينهم ولا يخف عليك أمرهم، وليكن عندك من العرب أو من أهل الأرض من تطمئن إلى نصحه وصدقه، فأن الكذوب لا ينفعك خبره، وان صدقك من بعضه. والغاش عين عليك وليس عينا لك، وليكن منك عند دنوك من أرض العدو أن تكثر الطلائع. وتبثّ السرايا بينك وبينهم فتقطع السرايا وأمدادهم ومرافقتهم. وتتبع الطلائع عوراتهم. وانتق للطلائع أهل الرأي والبأس من أصحابك. وتخير لهم سوابق الخيل، فان لقوا عدوا كان أول ما تلقاهم القوة من رأيك. واجعل أمر السرايا إلى أهل الجهاد والصبر على الجلاد. ولا تخصّ بها أحدا بهوى فتضيع من رأيك وأمرك أكثر مما حابيت به أهل خاصتك. ولا تبعثنّ طليعة ولا سرية في وجه تتخوف فيه عليه ضعة أو نكاية. فاذا عاينت العدو فأضمم إليك أقاصيك وطلائعك وسراياك.
واجمع إليك مكيدتك وقوتك ثم لا تعاجلهم المناجزة ما لم يستكرهك قتلك، حتى تبصر عورة عدوك ومقاتله، وتعرف الأرض كلها، كمعرفة أهلها فتصنع بعدوك كصنعه بك. ثم أذك أحراسك على عسكرك، وتيقّظ من البيات جهدك، ولا تؤتي بأسير ليس له عقد الا ضربت عنقه لترهب به عدو الله وعدوك. والله ولي أمرك، ومن معك، وولي النصر لكم على عدوكم. والله المستعان!.

الصفحة 755