كتاب الزهد والرقائق - ابن المبارك - ت الأعظمي (اسم الجزء: الملحق)

صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} قَالَ الْأَسَدِيُّ: الصَّغِيرَةُ مَا دُونَ الشِّرْكُ، وَالْكَبِيرَةُ: الشِّرْكُ إِلَّا أَحْصَاهَا "، قَالَ كَعْبٌ: " ثُمَّ يُدْعَى الْمُؤْمِنُ فَيُعْطَى كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ، فَيَنْظُرُ فِيهِ فَحَسَنَاتُهُ بَادِيَاتٌ لِلنَّاسِ، وَهُوَ يَقْرَأُ سَيِّئَاتِهِ؛ لِكَيْ لَا يَقُولَ كَانَتْ لِي حَسَنَاتٌ فَلَمْ تُذْكَرْ، فَأَحَبَّ اللَّهُ أَنْ يُرِيَهُ عَمَلَهُ كُلَّهُ، حَتَّى إِذَا اسْتَنْقَصَ مَا فِي الْكِتَابِ وَجَدَ فِي آخِرِ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّهُ مَغْفُورٌ، وَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يُقْبِلُ إِلَى أَصْحَابِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ} ثُمَّ يُدْعَى الْكَافِرُ فَيُعْطَى كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ، ثُمَّ يُلَفُّ فَيُجْعَلُ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ، وَيُلْوَى عُنُقُهُ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ} [الانشقاق: ١٠] يَنْظُرُ فِي كِتَابِهِ، فَسَيِّئَاتُهُ بَادِيَاتٌ لِلنَّاسِ، وَيَنْظُرُ فِي حَسَنَاتِهِ؛ لِكَيْ لَا يَقُولَ: أَفَأُثَابُ عَلَى السَّيِّئَاتِ؟ "
نا نُعَيْمٌ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ رَاشِدٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ «أَنَّ امْرَأً لَا يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةٍ فِي الدُّنْيَا إِلَّا شَهِدَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ، وَلَا يَمْتَدِحُ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا إِلَّا امْتَدَحَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ»
نا نُعَيْمٌ قَالَ: أنا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا مَعْمَرٌ، عَمَّنْ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ يَذْكُرُ عَنْ بِشْرِ بْنِ شَغَافٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ يَقُولُ: " إِنَّ أَفْضَلَ أَيَّامِ الدُّنْيَا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّ أَكْرَمَ خَلِيقَةِ اللَّهِ عَلَى اللَّهِ أَبُو الْقَاسِمِ، قُلْتُ لَهُ: إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَلَكًا مُقَرَّبًا، قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيَّ، قَالَ: أَتَدْرِي كَيْفَ خَلْقُ الْمَلَائِكَةِ؟ إِنَّمَا ⦗١١٩⦘ خَلْقُ الْمَلَائِكَةِ كَخَلْقِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَكَخَلْقِ الْجِبَالِ، وَكَخَلْقِ السَّحَابِ، وَإِنَّ أَكْرَمَ خَلِيقَةِ اللَّهِ عَلَى اللَّهِ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَمَعَ اللَّهُ الْأَنْبِيَاءَ نَبِيًّا نَبِيًّا، وَأُمَّةً أُمَّةً حَتَّى يَكُونَ آخِرَهُمْ مَرْكَزًا مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ، وَيُضْرَبُ الْجِسْرُ عَلَى جَهَنَّمَ وَيُنَادِي مُنَادٍ أَيْنَ مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ؟ فَيَقُومُ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَتْبَعُهُ أُمَّتُهُ بَرُّهَا وَفَاجِرُهَا، حَتَّى إِذَا كَانَ عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ يَطْمِسُ اللَّهُ أَبْصَارَ أَعْدَائِهِ، فَتَهَافَتُوا فِي النَّارِ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَيَمْضِي النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالصَّالِحُونَ مَعَهُ، فَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ رُتَبًا؛ يَدُلُّونَهُمْ عَلَى طَرِيقِ الْجَنَّةِ، عَلَى يَمِينِكَ، عَلَى شِمَالِكَ، حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى رَبِّهِ فَيُوضَعُ لَهُ كُرْسِيٌّ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ، ثُمَّ يَتْبَعُهُ عِيسَى عَلَى مِثْلِ سَبِيلِهِ، وَيَتْبَعُهُ بَرُّهَا وَفَاجِرُهَا، حَتَّى إِذَا كَانُوا عَلَى الصِّرَاطِ طَمَسَ اللَّهُ أَبْصَارَ أَعْدَائِهِ، فَتَهَافَتُوا فِي النَّارِ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَيَمْضِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّالِحُونَ مَعَهُ، فَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ رُتَبًا، يَدُلُّونَهُمْ عَلَى طَرِيقِ الْجَنَّةِ عَلَى يَمِينِكَ، عَلَى يَسَارِكَ، حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى رَبِّهِ، فَيُوضَعُ لَهُ كُرْسِيٌّ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ، ثُمَّ يُدْعَى نَبِيٌّ نَبِيٌّ، وَأُمَّةٌ أُمَّةٌ، حَتَّى يَكُونَ آخِرَهُمْ نُوحٌ رَحِمَ اللَّهُ نُوحًا "

الصفحة 118