كتاب الزهد والرقائق - ابن المبارك - ت الأعظمي (اسم الجزء: الملحق)
بَابٌ فِي مَحْوِ الْحَسَنَاتِ السَّيِّئَاتِ
أنا ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ: نا أَبُو الْخَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مَثَلَ الَّذِي يَعْمَلُ السَّيِّئَاتِ ثُمَّ يَعْمَلُ الْحَسَنَاتِ، كَمَثَلِ رَجُلٍ كَانَتْ عَلَيْهِ دِرْعٌ ضَيِّقَةٌ قَدْ خَنَقَتْهُ، ثُمَّ عَمِلَ حَسَنَةً فَانْفَكَّتْ حَلْقَةٌ، ثُمَّ عَمِلَ أُخْرَى فَانْفَكَّتْ حَلْقَةٌ، ثُمَّ عَمِلَ أُخْرَى فَانْفَكَّتْ أُخْرَى، حَتَّى يَخْرُجَ إِلَى الْأَرْضِ»
أنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «بَيْنَمَا الْمَسِيحُ مَرَّةً فِي رَهْطٍ مِنَ الْحَوَارِيِّينَ بَيْنَ نَهَرٍ جَارٍ وَحَيَّةٍ مُنْتِنَةٍ، أَقْبَلَ طَائِرٌ حَسَنُ اللَّوْنِ يَتَلَوَّنُ، كَأَنَّمَا هُوَ الذَّهَبُ، فَوَقَعَ قَرِيبًا، فَانْتَفَضَ فَسَلَخَ عَنْهُ مَسْكَهُ، فَإِذَا هُوَ أَقْبَحُ شَيْءٍ. . . أُقَيْرِعٌ أُحَيْمِرٌ، فَانْطَلَقَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. . . فَخَلَعَ مِسْلَاخَهُ فَخَرَجَ أَقْرَعَ أَحْمَرَ، كَأَقْبَحِ مَا يَكُونُ، فَأَتَى بِرْكَةً، فَتَلَوَّثَ فِي حَمْأَتِهَا، فَخَرَجَ أَسْوَدَ قَبِيحًا، فَاسْتَقْبَلَ جَرْيَةَ الْمَاءِ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى مِسْلَاخِهِ فَلَبِسَهُ، فَعَادَ إِلَيْهِ حُسْنُهُ وَجَمَالُهُ حَتَّى رَجَعَ إِلَى مَسْكِهِ فَتَدَرَّعَهُ كَمَا كَانَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَكَذَلِكَ عَامِلُ الْخَطِيئَةِ حِينَ يَخْرُجُ مِنْ دِينِهِ، وَيَكُونُ فِي الْخَطَايَا، وَكَذَلِكَ مَثَلُ التَّوْبَةِ، كَمَثَلِ اغْتِسَالِهِ مِنَ النَّتَنِ فِي النَّهْرِ الضَّحْضَاحِ، ثُمَّ رَاجَعَ دَيْنَهُ حَتَّى تَدَرَّعَ مَسْكَهُ، وَتِلْكَ الْأَمْثَالَ»
الصفحة 44