كتاب طبقات الشافعيين

من استغضب فلم يغضب فهو حمار، ومن استرضى فلم يرض فهو شيطان، وعنه قال: إذا خفت على عملك العجب، فاذكر رضا من تطلب، وفي أي نعيم ترغب، ومن أي عقاب ترهب فحينئذ يصغر عندك عملك، وعنه قال: آلات الرسالة خمس: صدق اللهجة، وكتمان السر، والوفاء بالعهد، وإهداء النصيحة، وأداء الأمانة، وعنه قال: من أراد الدنيا فعليه بالعلم، ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم.
قال الحافظ البيهقي: أخبرنا الحاكم، حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المؤذن، سمعت محمد بن عيسى الزاهد، يقول، فيما بلغنا: إن عبد الرحمن بن مهدي مات له ابن، فجزع عليه جزعا شديدا، حتى امتنع من الطعام والشراب، فبلغ ذلك محمد بن إدريس الشافعي، رضي الله عنه، فكتب إليه: أما بعد، فعز نفسك بما تعزى به غيرك، واستقبح من فعلك ما تستقبحه من فعل غيرك، واعلم أن أمض المصائب فقد سرور مع حرمان أجر، فكيف إذا اجتمعا على اكتساب وزر؟ فأقول:
إني معزيك لا أني على ثقة ... من الخلود ولكن سنة الدين
فما المعزى بباق بعد صاحبه ... ولا المعزى ولو عاشا إلى حين
قال: فكانوا يتهادونه بينهم بالبصرة.
وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحسين

الصفحة 33