كتاب الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا

122 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ الضَّرِيرُ، قَالَ: قَالَ لِي صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ:
[البحر الوافر]
§بَكَى الْبَاكُونَ لِلرَّحْمَنِ لَيْلًا ... وَبَاتُوا دَمْعَهُمْ مَا يَسْأَمُونَا
بِقَاعُ الْأَرْضِ مِنْ شَوقٍ إِلَيْهِمْ ... تَحِنُّ مَتَى عَلَيْهَا يَسْجُدُونَا
قَالَ: فَجَعَلْتُ أُرَدِّدُهَا عَلَيْهِ، فَبَكَى، حَتَّى قُلْتُ: الْآنَ تَخْرُجُ نَفْسُهُ
123 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي الصَّلْتُ بْنُ حَكِيمٍ، قَالَ: " بِتْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ عِنْدَ صَاحِبٍ لَنَا , وَمَعَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَجَعَلَ بَعْضُ قُرَّائِنا تِلْكَ اللَّيْلَةَ يَقُولُ:

وَمَا لِيَ لَا أَبْكِي عَلَى الذَّنْبِ إِنَّنِي ... §أَرَى الذَّنْبَ دَاءً فِي الْجَوَانِحِ وَالْقَلْبِ
124 - وَحَدَّثَنِي أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقَاشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: سَمِعْتُ رِيَاحَ بْنَ عُبَيْدَةَ الْبَاهِلِيَّ، قَالَ: كُنْتُ قَاعِدًا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَجَاءَ أَعْرَابِيُّ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، §جَاءَتْ بِيَ الْحَاجَةُ، وَانْتَهَيْتُ الْغَايَةَ، وَاللَّهُ سَائِلُكَ عَنِّي يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالَ: «وَيْحَكَ أَعِدْ عَلَيَّ» فَأَعَادَ عَلَيْهِ، فَنَكَّسَ عُمَرُ رَأْسَهُ، وَأَرْسَلَ دُمُوعَهُ، حَتَّى ابْتَلَّتِ الْأَرْضُ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: «وَيْحَكَ كَمْ أَنْتُمْ؟» قَالَ: أَنَا وَثَلَاثُ بَنَاتٍ لِي فَفَرَضَ لَهُ عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ، وَفَرَضَ لِبَنَاتِهِ عَلَى مِائَةٍ، وَأَعْطَاهُ مِائَةَ -[113]- دِرْهَمٍ، وَقَالَ لَهُ: «هَذِهِ الْمِائَةُ أَعْطَيْتُكَ مِنَ مَالِي، لَيْسَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ اذْهَبْ , فَاسْتَنْفِقْهَا حَتَّى تَخْرُجَ أُعْطِيَاتُ الْمُسْلِمِينَ فَتَأْخُذَ مَعَهُمْ»

الصفحة 112