كتاب الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا

249 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ ذَكْوَانَ، قَالَ: §كَانَ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ إِنْ دَخَلَ بَيْتَهُ بَكَى، وَإِنْ شَهِدَ جَنَازَةً بَكَى، وَإِنْ جَلَسَ إِلَيْهِ إِخْوَانُهُ بَكَى وَأَبْكَاهُمْ. فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ يَوْمًا: يَا أَبَهْ كَمْ تَبْكِي؟ وَاللَّهِ لَوْ كَانَتِ النَّارُ خُلِقَتْ لَكَ مَا زِدْتَ عَلَى هَذَا الْبُكَاءِ فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا بُنَيَّ وَهَلْ خُلِقَتِ النَّارُ إِلَّا لِي، وَلِأَصْحَابِي، وَلِإِخْوَانِنِا مِنَ الْجِنِّ -[179]- أَمَا تَقْرَأُ يَا بُنَيَّ: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ} [الرحمن: 31] ؟ أَمَا تَقْرَأُ يَا بُنَيَّ: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٍ فَلَا تَنْتَصِرَانِ} [الرحمن: 35] ؟ فَجَعَلَ يَقْرَأُ عَلَيْهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى: {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} [الرحمن: 44] قَالَ: فَجَعَلَ يَجُولُ فِي الدَّارِ وَيَصْرُخُ وَيَبْكِي، حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ فَقَالَتْ لِلْفَتَى أُمُّهُ: يَا بُنَيَّ مَا أَرَدْتَ إِلَى هَذَا مِنْ أَبِيكَ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أُهَوِّنَ عَلَيْهِ، لَمْ أُرِدْ أَنْ أَزِيدَهُ حَتَّى يَقْتُلَ نَفْسَهُ "

الصفحة 178