كتاب الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا

250 - قَالَ مُحَمَّدٌ: وَحَدَّثَنَا مُجَالِدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ النُّورِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبَانَ الرَّقَاشِيُّ، قَالَ: كَانَ أَبِي يَبْكِي وَيَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: " §ابْكُوا الْيَوْمَ قَبْلَ الدَّاهِيَةِ الْكُبْرَى ابْكُوا الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ تَبْكُوا غَدًا ابْكُوا الْيَوْمَ قَبْلَ يَوْمٍ لَا يُغْنِي فِيهِ الْبُكَاءُ ابْكُوا عَلَى التَّفْرِيطِ أَيَّامَ الدُّنْيَا قَالَ: ثُمَّ يَبْكِي حَتَّى يُرْفَعَ صَرِيعًا مِنْ مَجْلِسِهِ "
251 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي زَهْدَمُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: -[180]- كَانَ أُمَيَّةُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يَقْدَمُ فَيُصَلِّي هُنَاكَ مِمَّا يَلِي بَابَ بَنِي سَهْمٍ، فَيَنْتَحِبُ وَيَبْكِي حَتَّى يَعْلُوَ صَوْتُهُ، وَحَتَّى تَسِيلَ دُمُوعُهُ عَلَى. . قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْأَمِيرُ أَنَّكَ تُفْسِدُ عَلَى الْمُصَلِّينَ صَلَاتَهُمْ بِكَثْرَةِ بُكَائِكَ , وَارْتِفَاعِ صَوْتِكَ، فَلَوْ أَمْسَكْتَ قَلِيلًا. فَبَكَى ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ §حُزْنَ يَوْمِ التِّيهِ أَوْرَثَنِي دُمُوعًا غِزَارًا، فَأَنَا أَسْتَرِيحُ إِلَى ذَرْيِهَا أَحْيَانًا» وَكَانَ أُمَيَّةُ يَقُولُ: «وَمَنْ أَسْعَدُ بِالطَّاعَةِ مِنْ مُطِيعٍ؟ أَلَا وَكُلُّ الْخَيْرِ فِي الطَّاعَةِ. أَلَا وَإِنَّ الْمُطِيعَ لِلَّهِ مَلِكٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» قَالَ: وَكَانَ يَدْخُلُ الطَّوَافَ، فَيَأْخُذُ فِي النَّحِيبِ وَالْبُكَاءِ، وَرُبَّمَا سَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ

الصفحة 179