كتاب خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني

البلاغة ودلائل الإعجاز وأضم اليهما كتاب مفتاح العلوم للسكاكي والكتاب فيه علوم البلاغة الثلاثة وعلم التعريف وعلم الاستدلال.
وكلمة مفتاح العلوم قد يراد بها أن هذه العلوم الثلاثة مفتاح العلوم الأخرى ولهذا دلالة أو أن يكون ما في الكتاب من هذه العلوم الثلاثة مفتاحا لها فقط وله أيضا دلالة.
أما أن تكون هذه العلوم الثلاثة مفتاحا لبقية العلوم فهذا يعني أن إتقان اللغة إفرادا في علم التعريف وتركيبا في علم البلاغة مع صحة العقل وضبط الفكر "الاستدلال" هو أصل المعرفة كلها ومفتاح أبوابها فلا بد أن تكون لغتك حية حاضرة في عقلك ولسانك حتى تستطيع أن تتفهم محتوياتها الفكرية وودائع علمائها في الفنون المختلفة، وتستطيع أيضا أن تنقل بها ما تعلم يعني أن تعلم ثم تعلم وهذان عملان ومكابدتنا نحن المعلميبن دائرة بين هذين فلابد من بذل المجهود في تحصيل المعرفة ثم بذل المجهود في توصيل المعرفة، وغذا كان تحصيلها بابا شاقا فإن توصيلها باب أشق، ولا قيمة لعلم تكون رؤوسنا مخزنا له وإنما قيمته في أن تحيا به نفسك ثم تحي به نفوس من تعلم فتذيبه في أفئدتهم وتنطق به ألسنتهم ليعلموه كما تعلموه، وهكذا تجد العملية عملية ليست سهلة، ولا غنى لها عن لغة حية طيعة يتمتع بها المعلم وعقل منظم يقود حركته وينظم تعامله مع المعرفة ومع طلاب العلم ويستوي في ذلك من يعلم اللغة والتاريخ والرياضة والفيزياء ومن فقد اللسان المبين والعقل المستقيم فقد أغلق في وجهه باب العلم، وضلت من يده مفاتيحه كما يقول أبو يعقوب.
ونرى ما حولنا من الأمم التي ملكت أمر رشدها وساسها خيارها، وأهل البصيرة منها يقوم الأمر عندهم على ذلك حتى إنه لا يجوز التسامح في خطأ نحوي في كتاب كتب في الكيمياء ولا يسمح لمعلم في أي فرع أن يسمع طلابه لغة ركيكة ولا يسمح لمتحدث يسمعه الناس سواء كان في السياسةن أو في غيرها أن يستخدم لفظه لا تقرها المجامع اللغوية، وقد بعث السكرتير الدائم

الصفحة 10