كتاب خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني
أراد أنه لا شاعر يروي شعره سواه، وأن غيره من الشعراء ينهجون سبيله ويرددون صوته.
وقول ابن الدمينة: "من الوافر"
ونحن الوازعون الخيل تردي ... بفتيان الصباح المعلمينا
والوازع: هو الذي يدير أمر الجيش، وردى الفرس يردي رديا رجم الأرض بحوافره، والمعلم: الرجل الذي جعل لنفسه علامة، ولا يكون ذلك إلا عنده فرط الشجاعة، فقد أراد أنه لا يزع الخيل القوية بفتيان معلمين إلا قومه، وذلك مبني على المبالغة كما ترى.
وقد يفيد تعريف المسند قصر المسند على المسند إليه حقيقة، وذلك كقولك: زيد الشاعر، إذا لم يكن هناك في الحقيقة شاعر سواه، ومثله قول ابن الدمينة:
ونحن التاركون على سليل ... مع الطير الخوامع يعترينا
والخوامع الضباع يعني أنه لم يقتل سليلا، ويطعم بها الطير، والضباع سواهم.
وإذا راجعنا كثيرًا من الشواهد التي ذكرناها نجدها تفيد هذا المعنى، راجع قول عمرو بن كلثوم، وابن الدمينة، والحادرة وغيرهم.
هذا وإذا كان الخبر اسم موصول في مثل هذا السياق رأيته يفيد مع الاختصاص شيئا آخر تغمغم به الصلة، انظر إلى قول جميل بن معمر يخاطب بثينة:
وأنت التي إن شئت كدرت عيشتي ... وإن شئت بعد الله أنعمت باليا
وأنت التي ما من صديق ولا عدى ... يرى نضو ما أبقيت إلا رثى ليا
واضح أن المعنى على قصر مدلول الصلة عليها، ثم فيه أن ذلك أي كونك
الصفحة 304
304