كتاب فن التحرير العربي

تمتم عم صابر لنفسه:
- لا شك أنه نسي الباقي..
تابعه بنظر ملهوف وهو على سلم الدرجة الأولى، ومر ألف عام قبل أن يقترب الكمساري منه من جديد.
تمتم بصوت خجل ومرتعش:
لو ... سمحت.. الباقي.. والله..
رمقه الكمساري بغضب وتأفف:
- تفضل يا سيدي ... واحد..اثنين..ثلاثة ... خدمة تانية؟!
وصل إلى مكان العمل مرهقًا، وظل حتى الظهيرة منحنيًا فوق "المجرفة" يخلط أكوام الرمل بالأسمنت مع الماء.. أحس بفقرات ظهره تتصلب، لم يكن باستطاعته أن ينتصب قليلًا ليستريح فمراقب العمال يجلس على كرسي قريب يلاحظ سير العمل، وإذا ظهر منه أي ضعف فلن يدعه يعمل في اليوم الثاني....
وصل أبو المعاطي إلى مكان العمل، ونزل من سيارته الصغيرة، ووقف مع ملاحظ العمال يكلمه عن سير العمل ... رآه عم صابر فازداد سرعة ونشاطًا، عليه أن يثبت لأبي المعاطي قدرته على العمل حتى يشغله معه دائمًا ... رمقه أبو المعاطي وهو يعمل بقوة.
- مستريح في الشغل يا عم صابر؟.. شد حيلك.
- الشدة على الله يا معلم ... الله يخلي أولادك.
وأدار أبو المعاطي وجهه، وأكمل حديثه مع الملاحظ، وعم صابر يبذل جهدًا هائلًا وهو يعتقد أن المعلم يراقبه كيف يعمل.. أحس بتصلب في ظهره وفي عضلات ذراعه حتى أحس أن الذي يعمل رجل آخر وليس هو ... وعندما طلب الملاحظ

الصفحة 196